إلخ قريبًا من السواء" وبين ما ثبت من قراءاته صلى الله عليه وسلم في وقوفه، وهذه المحاولة غير مسلمة، إذ من المستبعد أن يتساوى ركوعه مع قراءة دعاء الاستفتاح والفاتحة وسورة مهما كانت قصيرة، والذي يبدو لي أن المعادلة التي قصدها البراء معادلة بين قيامه بدون قراءة وبين الركوع إلخ أي معادلة بين الوقت الذي يبدأ بتكبيرة الإحرام وينتهي بالبدء في الفاتحة، ويشغل بدعاء الاستفتاح، يرشح هذا أنه لم يذكر مسافة الجلوس للتشهد، بل ذكر مسافة الجلوس بين السلام والانصراف، مما يوحي بأن وقوف القراءة وجلوس القراءة غير داخلين في المعادلة، ويؤكد هذا الفهم الرواية الثانية للبراء، وفيها عقد المقارنة في غير الوقف للقراءة والجلوس للتشهد، ويؤيد هذا الفهم تأكيدا رواية البخاري عن البراء نفسه، ولفظها "كان ركوع النبي صلى الله عليه وسلم وسجوده، وبين السجدتين وإذا رفع من الركوع - ما خلا القيام والقعود - قريبًا من السواء".
وعلى ذلك فقول النووي: في الحديث دليل على تخفيف القراءة والتشهد. هذا القول غير مسلم.
وهناك من العلماء من فهم أن مقارنة البراء ليست بين أركان الصلاة بعضها مع بعض وإنما هي مقارنة بين الركن الواحد في الصلوات المختلفة، أو في الركعات المختلفة، فكأنه قال: كان ركوعه في جميع الركعات وجميع الصلوات قريبا من السواء وكان اعتداله في جميع الركعات وفي جميع الصلوات قريبا من السواء، ويساعد هذا الفهم عبارته في الرواية الثانية "كانت صلاته، قريبًا من السواء" قال الحافظ ابن حجر: ولا يخفى تكلفه.
-[ويؤخذ من الحديث: ]-
١ - استحباب إطالة الطمأنينة في الركوع والسجود، وفي الاعتدال عن الركوع وعن السجود، وفي مقدارها تفصيل وآراء تأتي في أبوابها التي تلي هذا الباب إن شاء الله.
٢ - قال الحافظ ابن حجر: استدل بظاهره على أن الاعتدال ركن طويل ولا سيما قول أنس "حتى يقول القائل: "قد نسي".
٣ - قال القرطبي: هذا الحديث يدل على أن بعض الأركان أطول من بعض، غير أنها غير متباعدة.
٤ - قال النووي: وفيه دليل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يجلس بعد التسليم شيئًا يسيرًا في مصلاه.