هذا بلا خلاف عند الشافعية ما دام معتدل الخلقة سليم اليدين والركبتين وليست بظهره علة. وأما أكمل الركوع في الهيئة فإنه ينحني بحيث يستوي ظهره وعنقه ويمدهما كالصفيحة، وينصب ساقيه، ولا يثني ركبتيه، فإن رفع رأسه عن ظهره، أو ظهره عن رأسه، أو جافى ظهره حتى يكون كالمحدودب به فهو مكروه.
هذا مذهب الشافعي، وبهذا قال مالك وأحمد. وقال أبو حنيفة: يكفيه في الركوع أدنى انحناء، وتجب الطمأنينة. اهـ. ولكن أبا حنيفة يتفق مع الجمهور في هيئة كمال الركوع، واستحباب الانحناء التام واستواء الظهر والرأس، كما هو وارد في الحديث.
٤ - وفي الحديث وجوب الاعتدال إذا رفع من الركوع، وأنه يجب أن يستوي قائمًا، والاعتدال من الركوع ركن الصلاة، لا تصح الصلاة إلا به وبهذا قال أحمد وأكثر العلماء، مستدلين بحديث المسيء صلاته، وبتعليمه صلى اللَّه عليه وسلم المروى في هذا الحديث، وقوله: "صلوا كما رأيتموني أصلي".
وقال أبو حنيفة: لا يجب الاعتدال، لكن يستحب، فلو انحط من الركوع إلى السجود أجزأ، واحتج له بقوله تعالى {اركعوا واسجدوا} [الحج: ٧٧] وعن مالك روايتان، وللاعتدال وما يقال فيه من أذكار باب مضى في هذا الكتاب.
٥ - وفي الحديث وجوب الجلوس بين السجدتين: والاستواء فيه.
قال النووي: والجلوس بين السجدتين فرض، والطمأنينة فيه فرض، وينبغي أن لا يطوله طولاً فاحشًا. ثم قال: هذا مذهبنا، وبه قال جمهور العلماء. وقال أبو حنيفة: لا تجب الطمأنينة، ولا الجلوس، بل يكفي أن يرفع رأسه عن الأرض أدنى رفع، ولو كحد السيف، وعنه وعن مالك أنهما قالا: يجب أن يرتفع بحيث يكون إلى القعود أقرب منه، ويحملون حديث الباب على الاستحباب، وليس لهما دليل يصح التمسك به، ودليلنا حديث المسيء صلاته الذي طلب منه إعادة الصلاة، وقال له: "ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا" انتهى بتصرف.
٦ - وقول عائشة: "وكان يقول في كل ركعتين التحية" دليل لأحمد ومن وافقه من فقهاء أصحاب الحديث أن التشهد الأول والأخير واجبان، وقال مالك وأبو حنيفة والأكثرون: هما سنتان ليسا واجبين وقال الشافعي: الأول سنة، والثاني واجب.
واحتج أحمد بهذا الحديث وبحديث "كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد، كما يعلمنا السورة من القرآن" وبقوله صلى اللَّه عليه وسلم: "إذا صلى أحدكم فليقل التحيات" والأمر للوجوب.
واحتج مالك وأبو حنيفة والأكثرون بأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك التشهد الأول وجبره بسجود السهو، ولو وجب لم يصح جبره كالركوع وغيره من الأركان قالوا: وإذا ثبت هذا في الأول فالأخير بمعناه، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلمه الأعرابي حين علمه فروض الصلاة.
واحتج الشافعية للتشهد الأول بما احتج به الأكثرون. واحتجوا للتشهد الأخير بحديث ابن مسعود