للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلى المدينة لم يعد من الممكن استقبال الكعبة وبيت المقدس معًا لأن بيت المقدس في الشمال والكعبة في الجنوب، ومستقبل أحدهما مستدبر الآخر، فاستقبل بيت المقدس بوحي من اللَّه وخصوصًا أنه في أول هجرته كان يحب موافقة اليهود تأليفًا لهم، فلما استقر الإسلام بالمدينة وقويت شوكته وبرزت شخصيته كان صلى اللَّه عليه وسلم يتمنى أن يؤمر بالتوجه في صلاته إلى الكعبة قبلة أبيه إبراهيم وأول بيت وضع للناس، وكان يقلب وجهه في السماء ينتظر أمر اللَّه بذلك ويتعجله، حتى نزل قوله تعالى: {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام} كان ذلك بعد ستة عشر شهرًا من قدومه المدينة أو تزيد قليلاً، نزل هذا الأمر والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بمسجده بالمدينة وقد صلى ركعتين إلى بيت المقدس فاستدار وصلى الركعتين الأخيرتين إلى الكعبة، وصلى معه رجال خرج أحدهم إلى مسجد بني حارثة فوجد المسلمين يصلون العصر مستقبلين القدس فأعلن لهم ما علم وقال أشهد باللَّه أن النبي صلى الله عليه وسلم أنزل عليه، وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستدار المصلون نحو الكعبة، وخرج رجل آخر فجرًا إلى قباء فوجدهم يصلون الصبح مستقبلين الشام وقد صلوا ركعة فأخبرهم، فاستداروا نحو الكعبة وأكملوا صلاتهم، وصدق اللَّه العظيم {يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} [البقرة: ١٤٢].

-[المباحث العربية]-

(صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس) قال النووي: المقدس فيه لغتان مشهورتان، إحداهما فتح الميم وإسكان القاف، والثانية ضم الميم وفتح القاف، ويقال فيه أيضًا إيلياء وإلياء، وأصل القدس والتقديس من التطهير. اهـ.

(فانطلق رجل من القوم) قال الحافظ ابن حجر: واسمه عباد بن بشر بن قيظي، وقيل: عباد بن نهيك.

(فمر بناس من الأنصار وهم يصلون) قيل: هم من بني سلمة، وقيل أهل قباء.

(بينما الناس في صلاة الصبح بقباء إذ جاءهم آت) "بينما" أصله "بين" فأشبعت الفتحة فصارت "بينا" وزيدت الميم، فصارت "بينما" وهي ظرف زمان بمعنى المفاجأة وتضاف إلى جملة من فعل وفاعل، أو مبتدأ وخبر، وتحتاج إلى جواب يتم به المعنى، والأفصح في جوابها أن لا يكون فيه "إذ" و"إذا" وقد جاء بإذ وإذا كثيرًا، وأضيفت هنا إلى المبتدأ والخبر، وجوابها قوله "إذ جاءهم آت" وأل في "الناس" للعهد الذهني، لأن المراد أهل قباء ومن حضر معهم في الصلاة، و"قباء" فيها ست لغات المد والقصر، والتذكير والتأنيث، والصرف والمنع، وأفصحها المد.

(إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة) أطلق الليلة على بعض اليوم الماضي وما يليه مجازًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>