٦ - ويؤخذ من قوله "مسجدًا" بالتنكير أن الثواب المذكور يحصل على المسجد الكبير والمسجد الصغير، وهو كذلك فقد جاء في بعض الروايات "من بنى لله مسجدًا ولو كمفحص قطاة" أي عش طائر صغير "بنى الله له بيتًا في الجنة" نعم حمل كثير من العلماء هذا التشبيه على المبالغة لا على حقيقته، إذ مفحص القطاة لا يتسع لوضع الجبهة لكنه على كل حال يشير إلى الصغر واستحقاق صاحبه الأجر المذكور، قال الحافظ ابن حجر: وقد شاهدنا كثيرًا من المساجد في طرق المسافرين يحوطونها إلى جهة القبلة وهي في غاية الصغر وبعضها لا تكون أكثر من قدر موضع السجود، وروى البيهقي في الشعب من حديث عائشة نحو الحديث الذي معنا، وزاد "قلت وهذه المساجد التي في الطرق؟ قال: نعم".
وهل يدخل معنا من أعد لنفسه في بيته مكانًا للصلاة فيه أو لا؟ الظاهر لا؛ لأن المقصود الحث على مكان يجمع الناس للصلاة، وإن كان فاعل ذلك يثاب ثوابًا آخر غير المذكور.
٧ - ويؤخذ من الحديث أن الجزاء في الآخرة من جنس العمل في الدنيا وقد سبق الكلام في المباحث العربية عن المماثلة الواردة في بعض الروايات.
٨ - وفي الحديث إشارة إلى أن فاعل ذلك يدخل الجنة، إذ المقصود بالبناء له أن يسكنه وهو لا يسكنه إلا إذا دخل الجنة.