خروجه بها من البيت، وأمها في الأغلب فيه، وبجوار بيتها بيت عائشة وسودة. فالضرورة مستبعدة، ولا دليل عليها.
٤ - وقال بعضهم: إن هذا منسوخ، قال القرطبي: روى عبد الله بن يوسف التنبسي عن مالك أن الحديث منسوخ، ولفظه: قال التنبسي قال مالك عندما سئل: من حديث النبي صلى الله عليه وسلم ناسخ ومنسوخ وليس العمل على هذا. اهـ ووجهه ابن عبد البر بقوله: لعله نسخ بتحريم العمل في الصلاة. قال الحافظ ابن حجر: وتعقب بأن النسخ لا يثبت بالاحتمال، وبأن هذه القصة كانت بعد قوله صلى الله عليه وسلم "إن في الصلاة لشغلاً" لأن ذلك كان قبل الهجرة [انظر حديث ابن مسعود في الباب قبل السابق ففيه أنه كان قبل الهجرة بثلاث سنين] وهذه القصة كانت بعد الهجرة قطعًا بمدة مديدة [راجع المعنى العام لهذا الحديث لترى أن زينب وبنتها جاءتا المدينة بعد بدر بمدة].
٥ - وبعضهم يرى أن ذلك كان من خصوصياته صلى الله عليه وسلم وقال: كان من خصائصه صلى الله عليه وسلم [لكونه كان معصومًا من أن تبول وهو حاملها]، ورد بأن الأصل عدم الاختصاص وبأنه لا يلزم من ثبوت الاختصاص في أمر ثبوته في أمر غيره بغير دليل، ولا مدخل للقياس في ذلك. ذكره القاضي عياض.
٦ - ومن هذا العرض يتبين أن الذي تولى حملة الرد هم المالكية وجمهور العلماء على أن مثل هذا العمل المتفرق لا يضر الصلاة. قال النووي: كل هذه الدعاوى باطلة ومردودة، فإنه لا دليل عليها، ولا ضرورة إليها، بل الحديث صحيح صريح في جواز ذلك، وليس فيه ما يخالف قواعد الشرع، فالأفعال في الصلاة لا تبطلها إذا قلت أو تفرقت، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا بيانًا للجواز. اهـ
وقال أيضًا في المجموع: أما حكم المسألة فمختصر ما قال أصحابنا أن الفعل الذي ليس من جنس الصلاة إن كان كثيرًا متواليًا أبطل الصلاة بلا خلاف، ثم قال: واختلفوا في حد الكثير والتوالي. والصحيح المشهور وبه قطع الجمهور أن الرجوع في الكثرة والقلة إلى العادة والعرف. فلا يضر ما يعده الناس قليلاً كالإشارة برد السلام، ورفع العمامة ووضعها، ولبس ثوب خفيف ونزعه، وحمل صغير ووضعه. وخطوة واحدة أو خطوتان، وأشباه هذا. ثم قال: واتفق الأصحاب على أن الكثير إنما يبطل إذا توالى، فإن تفرق بأن خطا خطوة ثم سكت زمنًا، ثم خطا أخرى، أو خطوتين ثم خطوتين بينهما زمن، وتكرر ذلك مرات كثيرة حتى بلغ مائة خطوة فأكثر لم يضر بلا خلاف، وحد التفريق أن يجد الفعل الثاني منقطعًا عن الأول. انتهى بتصرف.
وظاهر الحديث أن الآدمي وما في جوفه من النجاسة معفو عنه لكونه في معدته. قال النووي: ودلائل الشرع متظاهرة على هذا.
-[ويؤخذ من الحديث فوق ما تقدم]-
١ - قال ابن بطال: أراد البخاري أن حمل المصلي الجارية إذا كان لا يضر الصلاة فمرورها بين يديه لا يضر، لأن حملها أشد من مرورها، وأشار إلى نحو هذا الاستنباط الشافعي.