للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المسجد فليس بسيئة إلا إذا لم يدفنها، ثم إن في حديث أبي أمامة إشكالاً في قوله "وإن دفنه فحسنة" إذ لو حملت هذه الحسنة على ما يمحو سيئة النخع لتنخع الناس عمدًا ودفنوا ليحصلوا حسنات. فهو دليل عليهم لا لهم. كذلك حديث "مساوئ أعمال الأمة النخاعة التي لا تدفن" أي فيبقى حكم السيئة ويثبت مادامت لم تدفن. أما أبو عبيدة فمراده أنه يحمد الله أن لم تبق عليه سيئة لا أنها لم تكتب أصلاً. وإلا لو فرضنا أن مسلمًا أوذي بهذه النخامة في الفترة التي وصل فيها بيته ألا يكون قد أساء وكتبت عليه سيئة؟ الحق مع الإمام النووي في أن الفعل نفسه خطيئة يكفر بالدفن. والله أعلم.

ثالثًا: وما قيل في البصاق خارج المسجد وخارج الصلاة، وما قيل في البصاق داخل المسجد في غير صلاة يقال هو وأشد منه في البصاق في المسجد في الصلاة، بل الدفن صعب في الصلاة، ويزيد الحكم حرمة كون المصلي مستقبل ربه يناجيه، ومن ألفاظ التقبيح والوعيد قوله صلى الله عليه وسلم في الرواية الرابعة "وما بال أحدكم يقوم مستقبل ربه فيتنخع أمامه؟ أيحب أحدكم أن يُسَتْقبل فَيتُنخَعَ في وَجْهِهِ"؟ .

رابعًا: أما البصاق في حائط القبلة ممن كان في صلاة أو ممن لم يكن في صلاة فهو أشد الأنواع سوءًا، إذ العلل السابقة متوفرة فيه بالإضافة إلى وجوب احترام القبلة، ثم التأذي به أشد من التأذي بالحالات الأخرى. قال الحافظ ابن حجر: والتعليل بأن ربه بينه وبين القبلة يدل على أن البزاق في القبلة حرام سواء كان في المسجد أم لا ولا سيما من المصلي.

خامسًا: ويؤخذ من حك الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه البصاق من حائط القبلة كما جاء في الرواية الأولى وجوب الإزالة على كل من رآه وأن يتخذ لذلك الوسائل سواء احتاج إلى آلة أو لم يحتج، فإن كان يابسًا أزالته الحصاة والعرجون ونحوها وإن كان رطبًا لم تفد الحصاة، بل قد تنشره وتزيد التلوث، وقد روي عن ابن عباس "إن كان رطبًا فاغسله" ذكره البخاري.

-[سادسًا: ويؤخذ من الأحاديث الواردة في الباب]-

١ - طلب إزالة الأقذار من المسجد وتنزيهه عنها.

٢ - ومن الرواية التاسعة والعاشرة جواز الفعل في الصلاة، وأن المصلي قد يبصق في الصلاة ولا تفسد صلاته.

٣ - وأن البزاق والمخاط والنخاع. طاهرات. قال النووي: وهذا لا خلاف فيه بين المسلمين إلا ما حكاه الخطابي عن إبراهيم النخعي أنه قال: البزاق نجس. قال النووي: ولا أظنه يصح عنه.

٤ - قال النووي: ويؤخذ من قوله "ووجدت في مساوئ أعمالها النخامة تكون في المسجد لا تدفن" في الرواية الثامنة أن هذا القبح والذم لا يختص بصاحب النخاعة، بل يدخل فيه هو وكل من رآها ولا يزيلها بدفن أو حك أو نحوه.

٥ - يؤخذ من الرواية الرابعة البيان بالفعل بعد القول، وهو أوقع في نفس السامع.

<<  <  ج: ص:  >  >>