تنزهاً؟ وظاهر الحديث أنه ليس بمحرم عليه صلى الله عليه وسلم، ومن قال بالتحريم يقول: المراد: ليس لي أن أحرم على أمتي ما أحل الله لها.
-[ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم]-
١ - استدل بها على أن صلاة الجماعة ليست فرض عين، قال ابن دقيق العيد: لأن اللازم من منعه أحد أمرين. إما أن يكون أكل هذه الأمور مباحًا فتكون صلاة الجماعة لست فرض عين، أو حرامًا فتكون صلاة الجماعة فرضًا. وجمهور الأمة على إباحة أكلها، فيلزم ألا تكون الجماعة فرض عين، وتقريره بالدليل المنطقي أن يقال: أكل هذه الأمور جائز ومن لوازمه ترك الصلاة الجماعة وترك الجماعة في حق آكلها جائز، ولازم الجائز جائز، وذلك ينافي الوجوب ويمكن رد هذا الاستدلال بأن الجماعة فرض عين بشروطها، ونظيره أن صلاة الجمعة فرض عين بشروطها، ومع ذلك تسقط بالسفر، وهو في أصله مباح.
٢ - قال ابن دقيق العيد: قد يستدل بهذه الأحاديث على أن أكل هذه الأمور من الأعذار المرخصة في ترك حضور الجماعة، وقد يقال: إن هذا الكلام خرج مخرج الزجر: فلا يقتضي ذلك أن يكون عذرًا في تركها إلا أن تدعو إلى أكلها ضرورة. قال: ويبعد هذا من وجه تقريبه إلى بعض أصحابه، فإن ذلك ينفي الزجر، اهـ. قال الحافظ ابن حجر: ويمكن حمله على حالتين، والفرق بينهما أن الزجر وقع في حق من أراد إتيان المسجد، والإذن في التقريب وقع في حالة لم يكن فيها ذلك، بل لم يكن المسجد النبوي إذ ذاك بني حيث كان المقدم له أبا أيوب الأنصاري عند قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، قال الخطابي: توهم بعضهم أن أكل الثوم عذر في التخلف عن الجماعة، وإنما هو عقوبة لآكله على فعله إذ حرم فضل الجماعة. اهـ.
هذا، وبما أن الأحاديث صريحة في أن نهي آكل الثوم عن دخول المسجد إنما هو بسبب الريح الكريه فإنه يمكن أن يقال: إن الحكم منوط بالرائحة، فلو أكل وأزال الرائحة بمزيل أو استبدل بها رائحة طيبة زال المنع، وقد جاء ذلك صريحًا في الرواية الثانية ولفظها "فلا يقربن مساجدنا حتى يذهب ريحها".
٣ - استدل المهلب من قوله "فإني أناجي من لا تناجي" على أن الملائكة أفضل من الآدميين، وتعقب بأنه لا يلزم من تفضيل بعض الأفراد على بعض تفضيل الجنس على الجنس.
٤ - استدل بالحديث العاشر على إخراج من وجد منه ريح الثوم والبصل ونحوهما من المسجد.
٥ - واستدل به أيضًا على إزالة المنكر باليد لمن أمكنه ذلك.
٦ - ومن الرواية العاشرة جواز استخلاف الحاكم وعدم جوازه، وسيأتي في المناقب.
٧ - وفيها موقف عمر رضي الله عنه من مسألة الكلالة، وبسطها في كتب المواريث.