٣ - مكان السجدتين من الصلاة، قبل السلام أو بعده وتحرير الخلافات المذهبية وأدلتها.
٤ - حكم السجدتين وأركانهما وهيئاتهما.
٥ - الجمع بين ما ظاهره التعارض من الروايات.
٦ - نسيان الأنبياء.
٧ - ما يؤخذ من الأحاديث من الأحكام والحكم الأخرى.
وهذا هو التفصيل:
١ - قال الحافظ ابن حجر: الظاهر أن المراد بالشيطان إبليس، وعليه يدل كلام كثير من الشراح، ويحتمل أن المراد جنس الشيطان، وهو كل متمرد من الجن والإنس، لكن المراد هنا شيطان الجن خاصة، ثم قال: وقد اختلف العلماء في الحكمة في هروب الشيطان عند سماع الأذان والإقامة دون سماع القرآن والذكر في الصلاة، فقيل: يهرب حتى لا يشهد للمؤذن يوم القيامة، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس إلا شهد له، وقيل: يهرب نفورًا عن سماع الأذان، ثم يرجع موسوسًا ليفسد على المصلي صلاته، فصار رجوعه من جنس فراره، والجامع بينهما الاستخفاف، وقيل لأن الأذان دعاء إلى الصلاة المشتملة على السجود الذي أباه وعصى بسببه، واعترض بأنه يعود قبل السجود، فلو كان هربه لأجله لم يعد إلا عند فراغه، وأجيب بأنه يهرب عند سماع الدعاء بذلك ليغالط نفسه بأنه لم يخالف أمرًا، ثم يرجع ليفسد على المصلي سجوده الذي أباه، وقيل: إنما يهرب لاتفاق الجميع على الإعلان بشهادة الحق وإقامة الشريعة، واعترض بأن الاتفاق على ذلك حاصل قبل الأذان وبعده من جميع من يصلي، وأجيب بأن الإعلان أخص من الاتفاق، فإن الإعلان المختص بالأذان لا يشاركه فيه غيره من الجهر بالتكبير والتلاوة مثلاً. وقال ابن الجوزي: على الأذان هيبة يشتد انزعاج الشيطان بسببها، لأنه لا يكاد يقع في الأذان رياء ولا غفلة عند النطق به، بخلاف الصلاة فإن النفس تحضر فيها فيفتح لها الشيطان أبواب الوسوسة. اهـ
وكل ما ذكر لا يسلم من الاعتراض، وتلمس الحكمة إنما هو لتقريب فهم الحكم، لا لبيان علته، ويمكن اعتبار هذه الحكم مجتمعة، كما يمكن أن يقال: إن غايته في إضلال المؤذن ضعيفة، أما غايته في إفساد الصلاة أو فقدها روحها وأثرها - وهي التي قال الله تعالى في شأنها {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر}[العنكبوت: ٤٥] فهي غاية كبرى، فكأنه عند الأذان يهرب استخفافًا واستهتارًا وكأنه يقول للمؤذن. ناد ما شئت. وارفع صوتك ما شئت، واجمع من شئت فوربك لأغوينهم أجمعين. إلا القليل المخلصين، فوربك لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين، فالصلاة ميدان إبليس وليس الأذان.
والخشوع في الصلاة وخشية الله فيها، واتجاه قلب المصلي ووجدانه إلى مناجاة الرب يدفع الأعضاء إلى السكون وعدم الحركة، حتى ولو وجد ما يدعو إلى الحركة من العوامل الجسيمة أو الخارجية، كمعاكسة الذباب أو وخز الحصى، فخشوع الجوارح عنوان خشوع القلب. ومن هنا كرهت الصلاة بحضرة الطعام ومع مدافعة الأخبثين، كما مر قبل بابين، والخشوع وإن كان