بين فكيه عن الإساءة للمسلمين بالقول أو بالإشارة، وهو الذي يمسك يده وجميع جوارحه، ويحبس شرورها وأذاها، فلا يمد يده لحق الغير، ولا تمشي رجله للإضرار بأحد، ولا يتحرك فكره وقلبه للإيقاع أو الظلم أو الإيلام.
المسلم الكامل هو الذي يسلم الناس من شروره وأذاه، والمؤمن الكامل هو الذي يأمنه الناس على دمائهم وأموالهم وأعراضهم، وفي هذا يقول صلى الله عليه وسلم:"والله لا يؤمن. والله لا يؤمن. والله لا يؤمن. قيل: من يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه".
بهاتين القاعدتين، وعلى هذين الركنين يعتمد صرح الإسلام، وترتكز أسس المجتمع الإسلامي القويم بالمسالمة ومنع الشر، بين الأفراد والجماعات والأمم، ثم بالتعاون وإيصال الخير وتبادل المنافع.
وما قامت مدنية، وما شيدت حضارة، وما نهضت أمة، وما استقر عالم في حياته، من غير هاتين القاعدتين، وما تخلف المسلمون في هذه الأيام إلا بإهمالهما، وما تقدم غيرهم إلا باتباعهما، فنعم التشريع الإسلام، ونعمت الهداية هداية خير الأنام. عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام.
-[المباحث العربية]-
الرواية الأولى
(سأل رجل) لعله أبو موسى، المصرح به في الرواية الثالثة. والسؤال مروي بالمعنى في بعض الروايات، ولعله رجل آخر، فعند ابن حبان أنه أبو ذر، وعند الطبراني أنه عمير بن قتادة، فتعدد السؤال، واتحد الجواب.
(أي المسلمين خير) أي أخير، وجاء في رواية "أي الإسلام أفضل" أي: أي خصال الإسلام أفضل، والسؤال عن خير المسلمين سؤال عن خير خصال الإسلام، فإن خير المسلمين ما صار خيرا إلا بقيامه بخير الخصال.
(من سلم المسلمون)"من" اسم موصول خبر لمبتدأ محذوف، تقديره خير المسلمين من سلم المسلمون، وفيه من أنواع البديع تجنيس الاشتقاق، وهو أن يرجع اللفظان في اشتقاق إلى أصل واحد، ومنه قوله تعالى:{فأقم وجهك للدين القيم}[الروم: ٤٣] فإن "أقم" و"القيم" يرجعان في الاشتقاق إلى أصل القيام، والتعبير بلفظ "المسلمون" من قبيل التغليب، والمراد من سلم المسلمون والمسلمات.
(من لسانه ويده) اليد اسم الجارحة، ولكن المراد منها أعم من أن تكون يدا حقيقية أو يدا معنوية، كالاستيلاء على حق الغير بغير حق، وأطلق اللسان واليد، وأراد أي