للثناء الحسن] لا إله إلا الله، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون. وجاء بعض فقراء المسلمين، يغبطون الأغنياء على غناهم وبذلهم أموالهم في سبيل الخير والمعروف، يقولون: يا رسول الله ذهب الأغنياء بكثرة الثواب دوننا، ذهبوا بالدرجات العلا في الجنة وبالنعيم المقيم دوننا، قال صلى الله عليه وسلم: وما ذاك؟ ما هذا الأمر؟ ماذا تقصدون؟ قالوا: إن الأغنياء يصدقون كما نصدق، ويؤمنون كما نؤمن، ويصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويذكرون كما نذكر، ويجاهدون كما نجاهد، ولهم أموال يتصدقون منها، ويصلون منها الرحم، ويحجون بها ويعتقون منها الرقاب، وينفقونها في سبيل الله. ونحن مساكين لا نقدر على ذلك.
فقال صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بشيء إذا أنتم فعلتموه أدركتم مثل فضلهم ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: تسبحون الله بعد السلام من الصلاة ثلاثًا وثلاثين، وتحمدون الله ثلاثًا وثلاثين وتكبرون الله ثلاثًا وثلاثين، ففعلوا. وأخبروا الأغنياء بما سمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم، فقام الأغنياء بعمل ما يعمله الفقراء وذكروا الله وسبحوه وحمدوه وكبروه خلف كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وعلم الفقراء ما فعله الأغنياء، وأحسوا أنهم شاركوهم ميزتهم، فذهبوا يشكون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لهم:{ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء}[المائدة: ٥٤].
وهكذا وجب على المسلم أن يبذل جهده في الطاعة وفي ذكر الله، وما أسهل الذكر، وما أكثر أجره، فالذكر كلمات خفيفة على اللسان ثقيلة في الميزان، ورب عمل قليل يحصل الأجر الجزيل، والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
-[المباحث العربية]-
(عن عمرو قال: أخبرني بذا أبو معبد ثم أنكره) كذا في الرواية الأولى من الباب رقم (٢١٤) باب الذكر بعد الصلاة، والإشارة إلى الحديث التالي المروي عن ابن عباس، أي أخبرني بما سأرويه لكم أبو معبد، وظاهر من الرواية الثانية في الباب المذكور أن أبا معبد حدث عمرو بن دينار بهذا ثم أنكر أنه حدثه به، لا لعدم مشروعية ما روى، ولكن لتحقق التحديث وعدم تحققه، ولم يغير هذا الإنكار من ثقة عمرو في أبي معبد، فقد روى البخاري عن علي المديني عن سفيان عن عمرو بن دينار قال: كان أبو معبد أصدق موالي ابن عباس، ولا شك عند المحدثين أن عمرو بن دينار عدل، وأن أبا معبد عدل، ومن هنا قال الشافعي: كأنه نسيه بعد أن حدثه به. اهـ. وسيأتي حكم قبول مثل هذا في ما يؤخذ من الحديث من الأحكام.
(كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتكبير)"كنا" تعبير عنه وعن أمثاله من الصبية الذين لم يكونوا يصلون ويقفون خارج المسجد، أو ممن يصلون خلف الصفوف فلا يسمعون التسليم، وفي الرواية الثالثة "كنت أعلم" والمراد منها أيضًا المعرفة، وفيها أيضًا الذكر بدل التكبير، والذكر أعم من التكبير، فيطلق على التكبير وغيره، وما كان يحصل هو ذكر: تكبير وغير تكبير كما