للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(معقبات لا يخيب قائلهن) قال الهروي: قال سمرة: معناه تسبيحات تفعل أعقاب الصلاة، وقال أبو الهيثم: سميت معقبات لأنها تفعل مرة بعد أخرى وقوله تعالى: {له معقبات} [الرعد: ١١] أي ملائكة يعقب بعضهم بعضًا.

(وأربع وثلاثون تكبيرة) قال الحافظ ابن حجر: ويخالف هذا الحديث أبي هريرة (روايتنا التاسعة) وفيها ختم المائة بلا إله إلا الله وحده لا شريك له إلى آخره، وقال النووي: ينبغي أن يجمع بين الروايتين بأن يكبر أربعًا وثلاثين ويقول معها لا إله إلا الله. إلخ.

وقال غيره: بل يجمع بأن يختم مرة بزيادة تكبيرة، ومرة بلا إله إلا الله ... إلخ.

وسيأتي بقية الكلام على تحديد الأعداد في فقه الحديث. واللَّه أعلم.

-[فقه الحديث]-

أما عن الباب الأول [باب الذكر بعد الصلاة - باب ٢١٤] فقد استدل بعض السلف بحديث ابن عباس على استحباب رفع الصوت بالتكبير والذكر بعد الصلاة المكتوبة. قال ابن حبيب: كانوا يستحبون التكبير في العساكر والبعوث إثر صلاة الصبح والعشاء تكبيرًا عاليًا ثلاثًا. قال: وهو قديم من شأن الناس، وقال الطبري: في الحديث البيان على صحة فعل من كان يفعل ذلك من الأمراء والولاة، يكبر بعد صلاته، ويكبر من خلفه.

وحمل الشافعي هذا الحديث على أنه صلى الله عليه وسلم جهر ليعلمهم صفة الذكر، لا أنه كان دائمًا: قال: وأختار للإمام والمأموم أن يذكرا الله بعد الفراغ من الصلاة، ويخفيان ذلك إلا أن يقصدا التعليم، فيعلما، ثم يسرا. اهـ والظاهر أن الأمر لم يستمر على ارتفاع الصوت بالذكر، لهذا قال ابن بطال: إن قول ابن عباس "كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم" فيه دلالة على أنه لم يكن يفعل حين حدث به، لأنه لو كان يفعل لم يكن لقوله معنى، فكأن التكبير في أثر الصلوات بصوت مرتفع لم يواظب الرسول صلى الله عليه وسلم عليه طول حياته، وفهم أصحابه أن ذلك ليس بلازم، فتركوه خشية أن يظن أنه مما لا تتم الصلاة إلا به.

وقال ابن بطال أيضًا: أصحاب المذاهب المتبعة وغيرهم متفقون على عدم استحباب رفع الصوت بالتكبير والذكر حاشا ابن حزم. اهـ

أما الأذكار الواردة دبر كل صلاة فكثيرة، منها ما رواه مسلم في هذا الباب، ومنها ما رواه البخاري في أول كتاب الجهاد عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ دبر كل صلاة بهؤلاء الكلمات: اللهم إني أعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك من أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا وأعوذ بك من عذاب القبر".

وما رواه أبو داود بإسناد صحيح عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم من

<<  <  ج: ص:  >  >>