فضل من اللَّه ورحمة أن يسر الصلاة إن ضاق وقتها. كما تفضل بقبولها قضاء إذا خرج وقتها. نعم مع المسئولية عن التأخير، ومع نقص الأجر والثواب إن لم يكن بعذر شرعي.
قد يدرك المأموم الإمام في ركعة، فهل يكتب له ثواب صلاة الجماعة؟ وقد يبلغ الصبي، ويسلم الكافر، ويدرك ركعة من الصلاة قبل خروج وقتها فهل تقبل منه صلاته كاملة؟ وقد يضيق الوقت على المصلي فلا يدرك من الصلاة إلا ركعة فهل يتم وتقبل صلاته أداء؟
لقد تفضل الكريم الحليم الرحيم فشرع أن من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة. من أدرك ركعة من الصلاة مع الإمام فقد أدرك فضيلة الجماعة ومن أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته بعد طلوع الشمس وقد أدرك وقت الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته وقد أدرك وقت العصر.
هذا الفضل والكرم ينبغي أن لا يقابل بالاستهتار والإهمال لأوقات الصلوات، بل لا يقابل بالإهمال للصلاة في أول وقتها، لأن الفضل إنما يكون لمن هو أهله الحريص على اتباع الأوامر الذي يغفل عن غير قصد وعن غير إهمال.
-[المباحث العربية]-
(من أدرك ركعة) الإدراك هنا الوصول إلى الشيء.
(فقد أدرك الصلاة) ظاهره أنه يكتفي بالركعة عن الصلاة، وليس مرادًا إجماعًا، ففي الكلام مضاف محذوف، أي أدرك وقت الصلاة، وقوله في ملحق الرواية الثانية "فقد أدرك الصلاة كلها" أي فليتم وتقع كلها كما لو كانت في الوقت. وقيل في المضاف المحذوف: فقد أدرك وجوب الصلاة، وذلك في الصبي يبلغ، والكافر يسلم، والمجنون يفيق، والحائض تطهر ... إلخ، وقيل: فقد أدرك فضيلة جماعتها مع الإمام، كما تصرح الرواية الثانية.
(والسجدة إنما هي الركعة) هذا تفسير من حرملة الراوي، وأصل السند عن حرملة عن ابن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب أن عروة بن الزبير حدثه عن عائشة قالت ... الحديث، ويعبر بالسجدة عن الركعة، قال الخطابي: السجدة هنا معناها الركعة، بركوعها وسجودها، والركعة إنما يكون تمامها بسجودها، فسميت على هذا المعنى سجدة. اهـ.
وقيل: المراد بالركعة والسجدة جزء الصلاة، ولو تكبيرة الإحرام، وسيأتي التفصيل في فقه الحديث.