للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

-[فقه الحديث]-

الرواية الثانية ظاهرة في فضل صلاة الجماعة، فلفظها "من أدرك ركعة من الصلاة مع الإمام" والثالثة والرابعة والخامسة صالحة لإدراك الوقت، أو إدراك الوجوب، والرواية الأولى مطلقة تصلح للحالات الثلاث.

ومن هنا قال النووي: قال أصحابنا: يدخل فيه ثلاث مسائل:

إحداها: إذا أدرك من لا يجب عليه الصلاة ركعة من وقتها لزمته تلك الصلاة، وذلك في الصبي يبلغ؛ والمجنون والمغمى عليه يفيقان، والحائض والنفساء تطهران، والكافر يسلم فمن أدرك من هؤلاء ركعة قبل خروج وقت الصلاة لزمته تلك الصلاة، وإن أدرك دون الركعة كتكبيرة ففيه قولان للشافعي، أحدهما لا تلزمه لمفهوم هذا الحديث، وأصحهما عند أصحابنا تلزمه لأنه أدرك جزءًا من الوقت، فاستوى قليله وكثيره، وأجابوا عن الحديث بأن التقييد بركعة خرج مخرج الغالب، فإن غالب ما يمكن معرفة إدراكه ركعة ونحوها، وأما التكبيرة فلا يكاد يحس بها [قال الحافظ ابن حجر: وهذه الصلاة في حق أصحاب الأعذار أداء].

المسألة الثانية: إذا دخل في الصلاة في آخر وقتها، فصلى ركعة، ثم خرج الوقت كان مدركًا لأدائها، ويكون كلها أداء، وهذا هو الصحيح عند أصحابنا، وقال بعض أصحابنا يكون كلها قضاء، وقال بعضهم: ما وقع في الوقت أداء. وما بعده قضاء. وتظهر فائدة الخلاف في مسافر نوى القصر وصلى ركعة في الوقت، وباقيها بعده، فإن قلنا: الجميع أداء فله قصرها، وإن قلنا: كلها قضاء أو بعضها وجب إتمامها أربعًا على القول بأن فائتة السفر إذا قضيت في السفر يجب إتمامها.

هذا كله إذا أدرك ركعة في الوقت، فإن كان دون ركعة فقال بعض أصحابنا: هو كالركعة، وقال الجمهور يكون كلها قضاء، واتفقوا على أنه لا يجوز تعمد التأخير إلى هذا الوقت.

المسألة الثالثة: إذا أدرك المسبوق مع الإمام ركعة كان مدركًا لفضيلة الجماعة بلا خلاف، وإن لم يدرك ركعة، بل أدركه قبل السلام ففيه وجهان كالوجهين في المسألة الأولى. اهـ. وقال الحافظ ابن حجر في إدراك الركوع مع الإمام: مفهوم التقييد بالركعة أن من أدرك دون الركعة لا يكون مدركًا لها وهو الذي استقر عليه الاتفاق، وكان فيه شذوذ قديم، فقد قيل: إدراك الإمام راكعًا يجزئ ولو لم يدرك معه الركوع، وقيل يدرك الركعة ولو رفع الإمام رأسه ما لم يرفع بقية من ائتم به رءوسهم ولو بقي واحد، وقيل: من أدرك تكبيرة الإحرام وتكبيرة الركوع أدرك الركعة وإن لم يشارك الإمام الركوع والهوي.

وما ذكره النووي تفصيل لمذهب الشافعية، ومذهب مالك أنه لا يكون مدركًا للحكم أو الفضل أو الوقت إذا أدرك أقل من ركعة، ومذهب أبي حنيفة أنه يكون مدركًا لحكم الصلاة، واختلف الفقهاء في الجمعة، فمذهب مالك وزفر ومحمد والشافعي وأحمد أن من أدرك منها ركعة أضاف إليها أخرى، ومن لم يدرك صلى ظهرًا، وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: إذا أحرم في الجمعة قبل سلام الإمام صلى ركعتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>