وهذا المعنى هو الظاهر، وجملة "والشمس مرتفعة حية" في محل النصب على الحال.
(فيذهب الذاهب إلى العوالي) العوالي هي القرى المجتمعة حول المدينة من جهة نجد، وأما ما كان من جهة تهامة فيقال لها: السافلة، وأقرب العوالي من جهة المدينة على ميلين، وأبعدها على ثمانية أميال، وبهذا فالتفسيرات بالثلاثة وبالأربعة وبالستة الواردة لا تخالف بينها من حيث تحديد العوالي. وما يعنينا هو المسافة التي يقصدها الراوي، إذ بها يحدد الزمن ففي رواية البخاري بعد قوله "والشمس مرتفعة""وبعض العوالي من المدينة على أربعة أميال أو نحوه" وقد قال المحققون: إن هذا الإدراج من الزهري الراوي عن أنس، وفي رواية عبد الرزاق: قال الزهري: والعوالي من المدينة على ميلين أو ثلاثة، فالذي يبدو قريبًا أو مقبولاً كحد وسط ثلاثة أميال، ويقطعه الراجل تقريبًا في ساعة من الزمن - ستين دقيقة.
(والشمس مرتفعة) هذا الارتفاع غير الارتفاع السابق، أدنى منه، لكنها لم تصل إلى الحد الذي توصف بأنها منخفضة.
(ثم يذهب الذاهب إلى قباء) كأن أنسًا أراد بالذاهب نفسه، وقباء من العوالي، وفي قوله "إلى قباء" مضاف محذوف، أي إلى أهل قباء فيأتيهم والشمس مرتفعة.
(ثم يخرج الإنسان إلى بني عمرو بن عوف فيجدهم يصلون العصر) كانت منازلهم على ميلين من المدينة بقباء، والمراد بالعصر عصر ذلك اليوم ولعلهم كانوا يؤخرون صلاة العصر عن أول الوقت لانشغالهم بأراضيهم وحروثهم، فكانوا يصلون العصر في وسط وقته.
(عن العلاء بن عبد الرحمن أنه دخل على أنس بن مالك) أي دخل مع بعض المسلمين.
(حين انصرف من الظهر) أي حين انصرف العلاء من صلاة الظهر.
(وداره بجنب المسجد) يشير بهذا إلى قرب الوقت الذي صلى فيه الظهر وأنه لم يفصل فاصل زمني له شأن.
(فلما انصرفنا) أي من الصلاة وسلمنا وانتهينا منها.
(تلك صلاة المنافق) الإشارة إلى صلاة العصر آخر وقته.
(حتى إذا كانت بين قرني الشيطان) قال النووي: اختلفوا فيه، فقيل: هو على حقيقته وظاهر لفظه، والمراد أنه يحاذيها بقرنيه عند غروبها وكذا عند طلوعها، لأن الكفار يسجدون لها حينئذ، فيقارنها ليكون الساجدون لها في صورة الساجدين له، ويخيل لنفسه ولأعوانه أنهم إنما يسجدون له، وقيل: هو على المجاز، والمراد بقرنه وقرنيه علوه وارتفاعه وسلطانه وتسلطه وغلبته