١ - قوله:"وأما النزول فيقع في الصلاتين معًا" يتناقض مع قوله: "مع اختصاص النزول بالعصر والعروج بالفجر".
٢ - ولأن الصورة التي صورها تجعل الفرقتين يبيتون، فيصدق عليهم جميعًا "ثم يعرج الذين باتوا فيكم" وليس على إحداهما.
٣ - ولأن الصورة التي صورها لا يصدق عليها قوله:"ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر" لأنهم والحالة هذه يجتمعون في صلاة العصر ويستمر اجتماعهم إلى صلاة الفجر.
٤ - ولأن الصورة التي صورها لا يصدق عليها قوله:"يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار" بل يصدق على الجميع ملائكة الليل، أو ملائكة النهار أو ملائكة الليل والنهار، لأن كل فرقة ستنزل العصر وتصعد فجر اليوم الثاني.
وقال الكرماني: فإن قلت: ما وجه التخصيص بالذين باتوا وترك الذين ظلوا؟ قلت: إما للاكتفاء بذكر أحدهما عن الآخر كقوله: {سرابيل تقيكم الحر}[النحل: ٨١] وإما لأن الليل مظنة المعصية ومظنة الاستراحة، فلما لم يعصوا واشتغلوا بالطاعة فالنهار أولى بذلك. اهـ ومعنى كلام الكرماني أن العروج يحصل من الفرقتين على الرأي الأول، وأنه يحصل من الذين باتوا دون الذين ظلوا على الرأي الثاني للعلة التي ذكرها وهي أن العروج والسؤال عن الحالة الأصعب، ومنها يعلم أمر الحالة الأسهل، ويمكن أن يكون ما ذكره الكرماني على أنه رأي ثان يمكن أن يكون تتميمًا للرأي الأول، ففي الحديث اكتفاء، وخص في الاكتفاء هذا الجانب بالذكر دون الآخر للعلة التي ذكرها، وهي القياس بالأولى وقد جاء مصرحًا بعروج كل من ملائكة الليل والنهار وسؤالهم في رواية ابن خزيمة، ولفظها عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"تجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر وصلاة العصر، فيجتمعون في صلاة الفجر فتصعد ملائكة الليل، وتثبت ملائكة النهار، ويجتمعون في صلاة العصر، فتصعد ملائكة النهار، وتثبت ملائكة الليل، فيسألهم ربهم: كيف تركتم عبادي؟ " الحديث. فلا حاجة إلى التكلف في تصوير الصورة التي صورت في الفتح. والله أعلم.
-[ويؤخذ من أحاديث الباب فوق ما تقدم]-
١ - أن الصلاة أعلى العبادات، لأنه عليها وقع السؤال والجواب، قال الحافظ ابن حجر: قوله "تركناهم وهم يصلون" ظاهره أنهم فارقوهم عند شروعهم في العصر، سواء تمت أو منع مانع من إتمامها، وسواء شرع الجميع فيها أم لا، لأن المنتظر في حكم المصلي. وقال ابن التين: لا يلزم أنهم فارقوهم قبل انقضاء الصلاة فلم يشهدوها معهم، إذ هو محمول على أنهم شهدوا الصلاة مع من صلاها في أول وقتها، وشهدوا من دخل فيها بعد ذلك، ومن شرع في أسبابها. اهـ
وقال ابن عبد البر: الأظهر أنهم يشهدون معهم الصلاة في الجماعة. اهـ وما قاله غير ظاهر فإن اللفظ محتمل للجماعة وغيرها، وإن كان فضل الجماعة معلومًا، بل ظاهر الحديث يتناول من صلاهما ولو مفردًا إذ مقتضاه التحريض على فعلهما أعم من كونه جماعة أو لا. قاله في الفتح.
٢ - استدل بعض الحنفية بقوله:"ثم يعرج الذين باتوا فيكم" على استحباب تأخير صلاة العصر، وبيان ذلك أن الذين باتوا "هم الذين نزلوا عصرًا وأدركوا صلاة العصر، وإطلاق المبيت عليهم