يقتضي نزولهم قرب المبيت، ورد بأن اسم المبيت يصدق عليهم ولو تقدمت إقامتهم قطعة من النهار قبل إقامتهم بالليل، وقالوا: إن صعود ملائكة النهار عند صلاة العصر يقتضي أنهم قضوا النهار قبل الصعود، وذلك يتحقق بتأخير صلاة العصر إلى آخر النهار، ورد بأن الحديث ليس فيه ما يقتضي أنهم لا يصعدون إلا ساعة الفراغ من الصلاة، بل جائز أن تفرغ الصلاة ويتأخروا بعد ذلك إلى آخر النهار، ولا مانع أيضًا من أن تصعد ملائكة النهار وبعض النهار باق، ويطلق عليهم ملائكة النهار لأنهم أقاموا أكثر النهار وأغلبه. والله أعلم.
٣ - وفي الحديث إشارة إلى عظم هاتين الصلاتين، لما فيهما من المشاق ومن التكاسل والتشاغل، ومن حافظ عليهما حافظ على غيرهما بالأولى غالبًا.
٤ - وفيه إشارة إلى فضل هذين الوقتين، لكونهما تجتمع فيهما الطائفتان وفي غيرهما طائفة واحدة.
٥ - وفيه إشارة إلى تشريف هذه الأمة على غيرها، ويلزم من ذلك تشريف نبينا على غيره من الأنبياء عليهم السلام.
٦ - وفيه الإيذان بأن الملائكة تحب هذه الأمة لتزداد حبًا لهم، ولتزداد تقربًا إلى الله ليزدادوا حبًا لنا.
٧ - وفيه الدلالة على أن الله تعالى يتكلم مع ملائكته.
٨ - وفيه الإخبار بالغيب، ويترتب عليه زيادة الإيمان.
٩ - وفيه الإخبار بأن الملائكة تضبط أحوالنا حتى نتيقظ ونتحفظ في الأوامر والنواهي.
١٠ - ويؤخذ من الرواية الثالثة إثبات رؤية المؤمنين لله تعالى في الآخرة قال العيني: استدل بهذا الحديث وأمثاله وبالقرآن وإجماع الصحابة ومن بعدهم على إثبات رؤية الله في الآخرة للمؤمنين، وقد روى أحاديث الرؤية أكثر من عشرين صحابيًا، ومنع من ذلك المعتزلة والخوارج وبعض المرجئة. اهـ. وقد بسطنا القول في هذا الموضوع في الجزء الثاني من هذا الكتاب.
١١ - ظاهر الرواية الرابعة والخامسة تحريم النار على من حافظ على صلاة الفجر والعصر، وإن ارتكب المحرمات، وظاهر الرواية السادسة أن من حافظ عليهما دخل الجنة وإن عصى ولم يفعل غيرهما.
وهذا الظاهر غير مراد، لأن الكلام خرج مخرج الغالب، لأن الغالب أن من صلاهما وراعاهما انتهى عما ينافيهما من فحشاء ومنكر، لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر.