فضلاً من ربكم} [البقرة: ١٩٨] وقوله: {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء} [البقرة: ٢٣٦]، {ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء} [البقرة: ٢٣٥] {ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعًا أو أشتاتًا} [النور: ٦١].
٢ - ما ثبت في روايات الباب من أن عثمان وعائشة وغيرهما من الصحابة كانوا يتمون ولو كان القصر واجباً ما تركه المسلمون.
٣ - ما ثبت في روايات الباب من أن ابن عمر كان إذا صلى مع الإمام صلى أربعاً وإذا صلاها وحده صلى ركعتين، ولو كان القصر واجباً ما أتم مع الإمام.
٤ - ما ثبت في رواية أبي داود من أن ابن مسعود صلى أربعاً، فقيل له: عبت على عثمان ثم صليت أربعاً؟ فقال: الخلاف شر، وفي رواية البيهقي: إني لأكره الخلاف. ولو كان يعتقد أن القصر واجب ما ترك الواجب خوفاً من الخلاف.
٥ - أجمعوا على أن المسافر إذا اقتدى بمقيم لزمه الإتمام، ولو كان الواجب ركعتين حتماً لما جاز فعلها أربعاً خلف مسافر ولا حاضر كالصبح.
٦ - وأن القصر تخفيف أبيح للمسافر فجاز تركه كالفطر وسائر الرخص.
٧ - وأنه ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم القصر والإتمام، فالقصر في فعله، والإتمام في إقراره عائشة رضي الله عنها فيما رواه النسائي والدارقطني والبيهقي بسند حسن أو صحيح قالت: "خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة رمضان فأفطر وصمت، وقصر وأتممت، فقلت: يا رسول الله، أفطرت وصمت، وقصرت وأتممت. فقال: أحسنت يا عائشة.
٨ - في القول بأن القصر والإتمام جائزان مع تفضيل القصر جمع بين الأدلة وعمل بها، حيث ثبتت دلائل الإتمام، وهو خير من العمل ببعضها وترك بعضها والله أعلم.
ثالثاً: وقد ذهب العلماء مذاهب شتى في المراد بتأويل عثمان وعائشة وكيف تأولا القصر إلى الإتمام؟
١ - فقيل: لأن عثمان إمام المؤمنين وأميرهم، وكل موضع له دار، وعائشة أمهم، وفي كل مكان هي أم المقيمين فيه، وهذا القول مردود، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان أولى بذلك، وكذلك أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.
٢ - وقيل: لأن عثمان تزوج وتأهل بمكة، فقد روى أحمد والبيهقي من حديث عثمان، أنه لما صلى بمنى أربع ركعات أنكر الناس عليه فقال: إني تأهلت بمكة لما قدمت وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من تأهل ببلدة فإنه يصلي صلاة مقيم"، ورده المحققون بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسافر بأهله وأزواجه وقصر. كما ردوه بأن عروة قال عن عائشة أنها تأولت ما تأول عثمان، ولا جائز أن تتأهل عائشة أصلاً، فدل ذلك على ضعف الخبر المروي، والقول بأن التشبيه بين عائشة وعثمان إنما هو في مطلق التأويل لا في كيفيته بعيد.