والعلماء في أنه: هل يكتب جميع ما يلفظ به العبد، وإن كان مباحا لا ثواب فيه ولا عقاب لعموم الآية؟ أم لا يثبت إلا ما فيه جزاء من ثواب أو عقاب؟ .
إلى الثاني ذهب ابن عباس رضي الله عنه وغيره من العلماء، وعلى هذا تكون الآية مخصوصة، أي ما يلفظ من قول يترتب عليه جزاء اهـ.
والذي أميل إليه أن الكلام المباح غير مأمور بتركه، وغير مندوب الإمساك عنه، بشرط أن يكون بمقدار لا يصل إلى النوع الخامس، لأن تسميته مباحا يتنافى مع الأمر بتركه والندب للإمساك عنه، وكلام الإمام النووي يشبه قولنا: مباح مأمور بتركه، أو مباح مندوب تركه، وهو كلام ظاهره الخلط بين الأحكام الشرعية التي تفرق بين المندوب والمباح.
كما أن احتمال جر المباح إلى المحرم أو المكروه كاحتمال جره إلى الواجب أو المندوب، فلا يمنع المباح لهذا الاحتمال.
يؤيدني في هذا الميل ما نقله النووي عن الإمام الشافعي، إذ قال: إذا أراد أن يتكلم فليفكر، فإن ظهر له أنه لا ضرر عليه تكلم، وإن ظهر له فيه ضرر أو شك فيه أمسك. اهـ.
وهنا ينبغي أن نلاحظ أننا لسنا في مقام التفضيل بين الصمت وبين الكلام المباح، حتى نقول: إذا كان الكلام من فضة كان السكوت من ذهب. وإنما الذي حرصت على بيانه هو أن الكلام المباح غير مأمور بتركه، أما أن السكوت خير منه، أو هو خير من السكوت فليست الخيرية بينهما مطلقة، فإن أدى السكوت إلى التفكر في آلاء الله والعظة والتدبر كان خيرا منه، وحينئذ تكون المقارنة بين مندوب إليه وبين مباح.
وإن أدى السكوت إلى حديث النفس الأمارة بالسوء، وإلى التخطيط في الشر كان الكلام المباح خيرا منه، وتكون المقارنة بين مكروه وبين مباح.
وإن لم يؤد السكوت إلى خير ولا إلى شر، ولم يؤد الكلام المباح إلى خير ولا إلى شر. كانا مباحين غير مأمور بترك أحدهما، وإن كانت السلامة في السكوت أكثر. والله أعلم.
-[ويؤخذ من الحديث]-
١ - تعظيم حق الجار.
٢ - الحث على إكرام الضيف.
٣ - الأمر بقول الخير.
٤ - إمساك اللسان عن الشر.
٥ - أن إكرام الضيف والجار وحفظ اللسان من صفات المؤمن، وليس معنى ذلك انتفاء الإيمان عمن فقد هذه الصفات، فإن عبارة "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر" أريد بها المبالغة والحث على