للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥ - وفيه جواز النافلة في المسجد وإن كان البيت أفضل، ولعل النبي صلى الله عليه وسلم إنما فعلها في المسجد لبيان الجواز.

٦ - وفيه ترك الأذان والإقامة للنوافل إذا صليت جماعة.

٧ - وفيه جواز الاقتداء بمن لم ينو إمامته. قال النووي: وهذا صحيح على المشهور من مذهبنا ومذهب العلماء، ولكنه إن نوى الإمام إمامتهم بعد إقتدائهم حصلت فضيلة الجماعة له ولهم، وإن لم ينوها حصلت لهم فضيلة الجماعة ولا يحصل للإمام على الأصح لأنه لم ينوها والأعمال بالنيات. اهـ. قال الحافظ ابن حجر: وفيه نظر، لأن نفي النية لم ينقل، ولا يطلع عليه بالظن.

٨ - وفيه أنه إذا تعارضت مصلحة وخوف مفسدة. أو مصلحتان اعتبر أهمهما، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في الصلاة في المسجد مصلحة، فلما عارضها خوف الافتراض عليهم تركها لعظم المفسدة التي تخاف من عجزهم وتركهم للفرض.

وقد ذكر الحافظ ابن حجر في هذه المسألة كلامًا نفيسًا يجب علينا ذكره. قال: ثم إن ظاهر هذا الحديث أنه صلى اللَّه عليه وسلم توقع ترتب افتراض الصلاة بالليل جماعة على وجوب المواظبة عليها، وفي ذلك إشكال، وقد بناه بعض المالكية على قاعدتهم في أن الشروع ملزم وفيه نظر، وأجاب المحب الطبري بأنه يحتمل أن يكون اللَّه عز وجل أوحى إليه أنك إن واظبت على هذه الصلاة معهم افترضتها عليهم، فأحب التخفيف عنهم، فترك المواظبة.

قال: ويحتمل أن يكون ذلك وقع في نفسه كما اتفق في بعض القرب التي داوم عليها فافترضت. وقيل: خشي أن يظن أحد من الأمة من مداومته عليها الوجوب، وإلى هذا الأخير نحا القرطبي، فقال: قوله: "فتفرض عليكم": أي تظنونه فرضًا، فيجب على من ظن ذلك، كما إذا ظن المجتهد حل شيء أو تحريمه فإنه يجب عليه العمل به. قال: وقيل: كان حكم النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا واظب على شيء من أعمال البر واقتدى الناس به فيه أنه يفرض عليهم. اهـ.

ولا يخفى بعد هذا الأخير، فقد واظب النبي صلى الله عليه وسلم على رواتب الفرائض وتابعه أصحابه ولم تفرض. وقال ابن بطال: يحتمل أن يكون هذا القول صدر منه صلى اللَّه عليه وسلم لما كان قيام الليل فرضًا عليه دون أمته، فخشي إن خرج إليهم والتزموا معه قيام الليل أن يسوي اللَّه بينه وبينهم في حكمه، لأن الأصل في الشرع المساواة بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أمته في العبادة. قال: ويحتمل أن يكون خشي من مواظبتهم عليها أن يضعفوا عنها فيعصي من تركها بترك اتباعه صلى اللَّه عليه وسلم. وقد استشكل الخطابي أصل هذه الخشية مع ما ثبت في الإسراء من أن اللَّه تعالى قال: "هن خمس وهن خمسون لا يبدل القول لدي". فإذا أمن التبديل فكيف يقع الخوف من الزيادة. قال الحافظ: وهذا يدفع في صدور الأجوبة التي تقدمت. وقد أجاب عنه الخطابي بأن صلاة الليل كانت واجبة عليه صلى اللَّه عليه وسلم، وأفعاله الشرعية يجب على الأمة الاقتداء به فيها، يعني عند المواظبة، فترك الخروج إليهم لئلا يدخل ذلك في الواجب من طريق الأمر بالاقتداء به، لا من

<<  <  ج: ص:  >  >>