وقيل: إنها معينة في ليلة في جميع السنين لا تفارقها، وعلى هذا قيل: في السنة كلها، وهو قول ابن مسعود [كما تصرح بذلك روايتنا السابعة] وأبي حنيفة وصاحبيه.
وقيل: بل في شهر رمضان كله. وقيل: بل في العشر الوسط والأواخر. وقيل: في العشر الأواخر، وقيل: تختص بأوتار العشر، وقيل: بأشفاعها، وقيل: بل في ثلاث وعشرين أو سبع وعشرين وقيل: ليلة سبع وعشرين - وهو قول أبي بن كعب وكثير من الصحابة - وقيل غير ذلك.
قال القاضي: وشذ قوم فقالوا: رفعت لقوله صلى اللَّه عليه وسلم حين تلاحى الرجلان "فرفعت" وهذا غلط من هؤلاء الشاذين، لأن آخر الحديث يرد عليهم، فإنه صلى اللَّه عليه وسلم قال:"فرفعت وعسى أن يكون خيرًا لكم فالتمسوها في السبع والتسع". وفيه تصريح بأن المراد برفعها رفع بيان علم عينها، ولو كان المراد رفع وجودها لم يأمر بالتماسها. اهـ. من شرح النووي بتصرف.
-[ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم: ]-
١ - الترغيب في قيام رمضان، وهو سنة لصريح روايتنا الثانية، ولفظها "من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة".
قال النووي: هذه الصيغة تقتضي الترغيب والندب دون الإيجاب واجتمعت الأمة على أن قيام رمضان ليس بواجب، بل هو مندوب.
٢ - الحث على الإخلاص في العبادة واحتسابها عند اللَّه.
٣ - أن قيام ليلة القدر يغفر الذنوب، وقيام رمضان يغفر الذنوب. قال الحافظ ابن حجر: وظاهره يتناول الصغائر والكبائر، وبه جزم ابن المنذر، وقال النووي: المعروف أنه يختص بالصغائر، وبه جزم إمام الحرمين، وعزاه القاضي عياض لأهل السنة. قال بعضهم: ويجوز أن يخفف من الكبائر إذا لم يصادف صغيرة.
وزاد عند النسائي وأحمد:"وما تأخر". قال الحافظ: وقد ورد في غفران ما تقدم وما تأخر من الذنوب عدة أحاديث جمعتها في كتاب مقرر. وقد استشكلت هذه الزيادة من حيث إن المغفرة تستدعي سبق شيء يغفر، والمتأخر من الذنوب لم يأت، فكيف يغفر؟ والجواب عن ذلك يأتي في قوله صلى اللَّه عليه وسلم حكاية عن اللَّه عز وجل أنه قال في أهل بدر:"اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم" ومحصل الجواب أنه قيل: إنه كناية عن حفظهم من الكبائر فلا تقع منهم كبيرة بعد ذلك، وقيل: إن معناه أن ذنوبهم تقع مغفورة، وبهذا أجاب جماعة منهم الماوردي في الكلام على حديث صيام عرفة وأنه يكفر سنتين، سنة ماضية وسنة آتية. اهـ.
٤ - ومن قوله في الرواية الخامسة:"فصلى بصلاته ناس". يؤخذ جواز النافلة جماعة، قال النووي: ولكن الاختيار فيها الانفراد إلا في نوافل مخصوصة، وهي العيد والكسوف والاستسقاء، وكذا التراويح عند الجمهور.