وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد" وإذا سجد قال "اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره. تبارك الله أحسن الخالقين" ثم يكون من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم "اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت".
١٥٦٦ - عن الأعرج بهذا الإسناد وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة كبر ثم قال: "وجهت وجهي" وقال: "وأنا أول المسلمين" وقال: وإذا رفع رأسه من الركوع قال: "سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد" وقال: "وصوره فأحسن صوره" وقال: وإذا سلم قال: "اللهم اغفر لي ما قدمت". إلى آخر الحديث ولم يقل: بين التشهد والتسليم.
-[المعنى العام]-
إيمان كامل برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وحرص دقيق وشديد على التأسي به والاقتداء بأفعاله صلى الله عليه وسلم، كان ذلك وراء الثلاثة الذين ذهبوا إلى بيوت أزواجه صلى الله عليه وسلم ليسألوا عن عبادته السرية التي يقوم بها في منازلهن وفي لياليهن، ويتجلى ذلك واضحًا في حديث ابن عباس، وهو الصبي الذي مازال صبيًا في سنه لكنه كالكهل في إيمانه وقوة عقيدته، كالرجل في عنفوان حياته وشدة تمسكه بدينه والتفاني في إقامة شرعه، كالهرم في حرصه على تقديم ما يمكن تقديمه من طاعات يلقى بها ربه.
هذا ابن عباس تحين له فرصة الذهاب إلى بيت النبي صلى الله عليه وسلم بعد العشاء في الليل وهو في بيت خالته ميمونة بنت الحارث وفي ليلتها، ذهب مرسلاً من أبيه العباس ليكلم النبي صلى الله عليه وسلم في شأن وعد وعده العباس بعدد من إبل الصدقة، وقد جاءت الإبل ولا يستطيع العباس حياء أن يكلم ابن أخيه في إنجاز وعده. إنه أكبر من أن يحرج بتقديم غيره عليه وأحقية غيره عنه، إنه ككل الصحابة الكبار يأخذهم الحياء من مطالبة رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء وإن كان قد وعد به فليرسل ابنه الصبي عبد الله، لكن الولد من أبيه، دخل فاستحيا فجلس مترددًا كيف ومتى يبلغ ما أمره أبوه به؟ وتحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم مع زوجته حديث الأهل، وكأن ابن عباس في زيارة خالته وليس في حاجة، وتأخر الليل بالصبي وهم أن يتكلم وأن ينصرف، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: نم عندنا الليلة يا غلام، ولم يدرك الغلام كيف ينام مع زوج