للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رب كل المخلوقات كما تقرر في القرآن والسنة من نظائره - أي جريًا على ما تقرر - من إضافته تعالى إلى كل عظيم المرتبة وكبير الشأن دون ما يستحقر ويستصغر، فيقال له سبحانه وتعالى: "رب السموات والأرض رب العرش الكريم، ورب الملائكة والروح، ورب المشرقين ورب المغربين، ورب الناس، ملك الناس، إله الناس، ورب العالمين، رب كل شيء، رب النبيين، خالق السموات والأرض، فاطر السموات، جاعل الملائكة رسلاً". فكل ذلك وشبهه وصف له سبحانه وتعالى بدلائل العظمة وعظيم القدرة والملك، ولم يستعمل ذلك فيما يحتقر ويستصغر فلا يقال: رب الحشرات، وخالق القردة والخنازير، وشبه ذلك على الإفراد، وإنما يقال: خالق المخلوقات وخالق كل شيء، فيدخل هذا في العموم.

(اهدني لما اختلف فيه من الحق) معناه ثبتني عليه، كقوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم}

(وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض) أي قصدت بعبادتي وتوجهت بها للذي بدأ خلق السموات والأرض.

(حنيفًا) قال النووي: قال الأكثرون: معناه مائلاً إلى الدين الحق وهو الإسلام، وأصل الحنف الميل، ويكون في الخير والشر، وينصرف إلى ما تقتضيه القرينة. وقيل: المراد بالحنيف هنا المستقيم. وقال أبو عبيد: الحنيف عند العرب من كان على دين إبراهيم عليه السلام، وانتصب حنيفًا على الحال، أي وجهت في حال حنيفتي.

(وما أنا من المشركين) بيان للحنيف وإيضاح لمعناه، والمشرك يطلق على كل كافر، من عابد وثن وصنم ويهودي ونصراني ومجوسي ومرتد وزنديق وغيرهم. انتهى كلام النووي.

وأقول: حمل المشرك على هذا إنما يكون إذا ذكر وحده، وأما إذا ذكر في مقابل الكافر فيطلق على من جعل للَّه ندًا.

(إن صلاتي ونسكي) قال النووي: قال أهل اللغة: النسك العبادة، وأصله من النسيكة وهي الفضة المذابة المصفاة من كل خلط، والنسيكة أيضًا كل ما يتقرب به إلى الله تعالى.

(ومحياي ومماتي) أي حياتي وموتي، ويجوز فتح الياء فيهما وإسكانها، والأكثرون على فتح ياء محياي وإسكان ياء مماتي.

(للَّه) قال العلماء: هذه اللام لام الإضافة، ولها معنيان، الملك، والاختصاص، وكلاهما مراد.

(رب العالمين) في معنى "رب" أربعة أقوال، حكاها الماوردي وغيره: المالك، والسيد، والمدبر، والمربي، فإن وصف الله تعالى برب لأنه ملك أو سيد فهو من صفات الذات، وإن وصف لأنه مدبر خلقه ومربيهم فهو من صفات فعله، ومتى: دخلته الألف واللام فقيل: الرب اختص بالله تعالى،

<<  <  ج: ص:  >  >>