قال النووي: وهما -أي تفسير ابن عباس وغيره - سائغان في تفسير الآية والحديث. اهـ. والمعنى الثاني أقرب وأوضح.
(أنت رب السموات والأرض) قال النووي: قال العلماء: للرب ثلاثة معان في اللغة: السيد المطاع. فشرط المربوب أن يكون ممن يعقل، وإليه أشار الخطابي بقوله: لا يصح أن يقال: سيد الجبال والشجر، قال القاضي عياض: هذا الشرط فاسد، بل الجميع مطيع له سبحانه وتعالى، قال الله تعالى {ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعًا أو كرهًا قالتا أتينا طائعين}[فصلت: ١١]. اهـ. وكلام القاضي قاض على كل كلام.
(أنت الحق) للإمام النووي في معنى هذا الثناء الآتي كلام نفيس أسوقه كما جاء في شرحه لصحيح مسلم: قال النووي: قال العلماء: الحق في أسمائه تعالى معناه المتحقق وجوده، وكل شيء صح وجوده فهو حق، ومنه "الحاقة" أي الكائنة حقًا بغير شك، ومثله قوله في هذا الحديث:"ووعدك الحق، وقولك الحق، ولقاؤك حق، والجنة حق، والنار حق، والساعة حق". أي كله متحقق لا شك فيه، وقيل: معناه خبرك حق وصدق - ففي "أنت أحق" مضاف محذوف أي خبرك - وقيل: أنت صاحب الحق، وقيل: محق الحق، وقيل: الإله الحق. اهـ.
(ولقاؤك حق) المراد من اللقاء البعث، وقيل: الموت. والصواب البعث، فهو الذي يقتضيه سياق الكلام، وهو الذي يرد به على الملاحدة لا بالموت.
(اللهم لك أسلمت) أي استسلمت وانقدت لأمرك ونهيك.
(وبك آمنت) أي صدقت بك وبكل ما أخبرت وأمرت ونهيت.
(وإليك أنبت) أي أطعت ورجعت إلى عبادتك، أي أقبلت عليها. وقيل: معناه رجعت إليك في تدبيري، أي فوضت إليك.
(وبك خاصمت) أي بما أعطيتني من البراهين والقوة خاصمت من عاند فيك وكفر بك وقمعته بالحجة وبالسيف.
(وإليك حاكمت) أي كل من جحد الحق حاكمته إليك وجعلتك الحاكم بيني وبينه، لا غيرك مما كانت تحاكم إليه الجاهلية وغيرهم من صنم وكاهن ونار وشيطان وغيرها، فلا أرضى إلا بحكمك، ولا أعتمد غيره.
(فاغفر لي ما قدمت وما أخرت. إلخ) معنى سؤاله صلى اللَّه عليه وسلم المغفرة مع أنه مغفور له؛ أنه يسأل ذلك تواضعًا وخضوعًا وإشفاقًا وإجلالاً، وليقتدي به في أصل الدعاء والخضوع وحسن التصريح في هذا الدعاء المعين.
(اللَّهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل) قال العلماء: خصهم بالذكر وإن كان اللَّه تعالى