للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(سجد وجهي) قيل: المراد بالوجه جملة الذات كقوله تعالى: {كل شيء هالك إلا وجهه} [القصص: ٨٨] ويؤيده أن السجود يقع بأعضاء أخر مع الوجه. وقيل: إن الشيء يضاف إلى ما يجاوره كما يقال: بساتين البلد.

(أحسن الخالقين) أي المقدرين والمصورين.

(أنت المقدم وأنت المؤخر) معناه تقدم من شئت بطاعتك وغيرها، وتؤخر من شئت عن ذلك كما تقتضيه حكمتك، وتعز من تشاء، وتذل من تشاء.

(وأنا أول المسلمين) أي من هذه الأمة.

انتهى كلام النووي بدون تصرف وهو من النفاسة بمكان، واللَّه أعلم.

-[فقه الحديث]-

تتعرض أحاديث الباب إلى نقاط فقهية ننسجها فيما يأتي:

(أ) في الرواية السابعة إشارة إلى دافع مبيت ابن عباس عند خالته ميمونة وأنه النظر ومراقبة كيفية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل، وفي الرواية العاشرة تصريح بدافع وسبب آخر ونصها: "بعثني العباس إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيت خالتي ميمونة". زاد النسائي: "في إبل أعطاه إياها من الصدقة". ولابن خزيمة: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وعد العباس ذودًا من الإبل فبعثني إليه بعد العشاء وكان في بيت ميمونة". ولمحمد بن نصر زيادة: "فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: يا بني بت الليلة عندنا". ففي ظاهر سبب المبيت ودافعه تعارض بين الروايات، ويمكن الجمع بينهما بأن الدافع إلى الإرسال طلب الإبل الموعود بها للعباس، فلما عرض على ابن عباس المبيت كان دافعه للقبول والمبيت مراقبة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم.

(ب) جاء في رواية لأبي عوانة عن عبد الله بن عباس: "أن العباس بعثه إلى النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة. قال: فوجدته جالسًا في المسجد فلم أستطع أن أكلمه، فلما صلى المغرب قام فركع حتى أذن بصلاة العشاء". وظاهر هذا يعارض أن العباس أرسله إلى النبي صلى الله عليه وسلم في بيت ميمونة. قال الحافظ ابن حجر: ويجمع بأنه لما لم يكلمه في المسجد أعاده إليه بعد العشاء إلى بيت ميمونة.

(ج) في الرواية الرابعة: "بت عند خالتي ميمونة فقلت لها: إذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأيقظيني". مما يوحي بأن ابن عباس قد نام، وجاء في الرواية: "فقلت: لا أنام حتى أنظر ما يصنع في صلاة الليل". وقد جمع الحافظ ابن حجر بين الروايتين باحتمال أنه عزم في نفسه على السهر ليطلع على الكيفية التي أرادها، ثم خشي أن يغلبه النوم فوصى ميمونة أن توقظه. اهـ

ولم تفد الروايات بأن ميمونة أيقظته، وإنما صرحت الرواية الأولى بأنه كان مستيقظًا من نفسه

<<  <  ج: ص:  >  >>