للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذ فيها. "فقمت فتمطيت كراهية أن يرى أني كنت أنتبه له". فكونه عزم على أن لا ينام، وكونه لم ينم بالفعل لا يتنافى مع توصيته خالته أن توقظه احتياطًا وخوفًا من أن ينام.

(د) تصرح الرواية الرابعة بأن صلاته صلى الله عليه وسلم تلك الليلة كانت إحدى عشرة ركعة، وتصرح الرواية الأولى والثالثة والسادسة والثانية عشرة بأن صلاته في تلك الليلة كانت ثلاث عشرة ركعة، وجاءت روايتنا الثامنة بأن صلاته كانت في هذه الليلة تسع ركعات وأن الوضوء كان يتكرر كل ركعتين، ونصها: "ثم قام فصلى ركعتين فأطال فيهما القيام والركوع والسجود، ثم انصرف فنام حتى نفخ، ثم فعل ذلك ثلاث مرات - ست ركعات - كل ذلك يستاك ويتوضأ، ثم أوتر بثلاث".

وفي الجمع أو الترجيح يقول الحافظ ابن حجر: والحاصل أن قصة مبيت ابن عباس يغلب علي الظن عدم تعددها، فلهذا ينبغي الاعتناء بالجمع بين مختلف الروايات فيها. ولا شك أن الأخذ بما اتفق عليه الأكثر والأحفظ أولى مما خالفهم فيه من هو دونهم، ولا سيما إن زاد أو نقص، والمحقق من عدد صلاته في تلك الليلة إحدى عشرة، وأما رواية "ثلاث عشرة" فيحتمل أن يكون منها سنة العشاء، ويوافق ذلك رواية ابن أبي حجرة عن ابن عباس بلفظ: "كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة". يعني بالليل، ولم يبين هل سنة الفجر منها أو لا وبينها يحيى بن الجزار عن ابن عباس عند النسائي بلفظ: "كان يصلي ثمان ركعات ويوتر بثلاث، ويصلي ركعتين قبل صلاة الصبح". ولا يعكر على هذا الجمع إلا ظاهر قوله: "صلى ركعتين ... ثم ركعتين ... " - روايتنا الثانية أي قبل أن ينام، ويكون منها سنة العشاء، وقوله: "ثم ركعتين". أي بعد أن قام. وجمع الكرماني بين ما اختلف من روايات قصة ابن عباس هذه، باحتمال أن يكون بعض رواته ذكر القدر الذي اقتدى ابن عباس به فيه، وفصله عما لم يقتد به فيه. انتهى كلام الحافظ ابن حجر.

والمحقق عندي من عدد صلاته صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة ثلاث عشرة وأن ابن عباس اقتدى به وصلى معه إحدى عشرة ركعة بعد أن صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده ركعتين، يؤكد هذا الفهم، فتمطيت، فتوضأت، فقام فصلى، فقمت لما رأيته صنع ذلك، فتوضأ من القربة، ثم قمت إلى شقه الأيسر ... ". فهي صريحة في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى قبل أن يقوم ابن عباس، وقوله في الرواية نفسها: "فتتامت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل ثلاث عشرة ركعة". صريحة في جمع العدد. وفي الرواية الثانية: "فأحسن وضوءه، ثم قام فصلى، .... فقمت فصنعت مثل ما صنع .... ثم ذهبت فقمت إلى جنبه". وقول ابن عباس بعد ذلك: "فصلى ركعتين.". إلخ حتى بلغ بالمثنى اثنتي عشرة ركعة تفصيل لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ومع ابن عباس، وكذلك الرواية الثالثة ولفظها: "فصلى في تلك الليلة ثلاث عشرة ركعة". وكذلك الرواية السادسة وفيها: "فتكاملت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة ركعة". كل ذلك صريح في جمع العدد، ولا يعارض الرواية الرابعة التي تتحدث عن عدد ما صلاه ابن عباس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه إحدى عشرة ركعة، وهذه واقعة حال لا تعارضها واقعة حال أخرى. أما الرواية الثامنة وفيها تخلل النوم بين الركعات، وفيها مخالفة في عدد الركعات لبقية الروايات، فقد قال القاضي عياض: هذه الرواية مما استدركه الدارقطني على مسلم لاضطرابها واختلاف الرواة. قال النووي: ولا يقدح هذا في

<<  <  ج: ص:  >  >>