سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من رأى أو علم منكم منكرا فليغيره ويزيله بيده، فإن لم يستطع الإزالة باليد فليطلب إزالته، وليهاجمه بلسانه، فإن لم يستطع استخدام لسانه فلينكره بقلبه، ومن لم يكره المنكر ويغضب له في نفسه، ويمقته في دخيلته، ويغار على أمور إيمانه، من لم يفعل ذلك فليس بمؤمن. لأن ذلك أضعف الإيمان.
-[المباحث العربية]-
(أول من بدأ بالخطبة) "أل" في الخطبة للعهد أي خطبة العيد، وكذلك "أل" في الصلاة.
(مروان) خبر "أول" وكان أمير المدينة من قبل معاوية.
(فقام إليه رجل) قال الحافظ ابن حجر: يحتمل أن يكون هو أبو مسعود الذي ذكر اسمه في بعض الروايات، ويحتمل أنه غيره، وأن قصة الإنكار قد تعددت.
(الصلاة قبل الخطبة) مبتدأ وخبر، أي الصلاة حقها أن تكون قبل الخطبة.
(قد ترك ما هنالك) "ترك" بالبناء للمجهول، و"ما" موصول في محل رفع نائب فاعل، واسم الإشارة ظرف متعلق بمحذوف صلة "ما" والتقدير: ترك الذي تشير إليه، أي تركنا العمل بتقديم الصلاة على الخطبة الذي كان هنالك في الزمن الماضي.
(أما هذا فقد قضى ما عليه) المشار إليه هو الرجل الذي نبه مروان إلى جعل الصلاة قبل الخطبة، و"أما" حرف شرط وتفصيل، والمعنى مهما يكن من شيء فهذا الرجل قد أدى واجبه وما عليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد ترك تكرار "أما" استغناء بالكلام الذي ذكر بعدها وهو موضع القسم الثاني، والتقدير: وأما أنا فأنكر كما أنكر، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(من رأى منكم منكرا) إلخ، "من" اسم شرط جازم مبتدأ، والمراد من الرؤية العلم عن طريق أي حاسة من الحواس، فقد يشم الخمر، ويلمس الأعمى آلات اللهو، ويسمع الغيبة والنميمة إلخ.
(فليغيره بيده) جواب الشرط، دخلت عليه الفاء لأنه طلب، والمراد من تغيير المنكر إبطاله ومنعه، والمراد من اليد الجوارح، ويعبر عن الجوارح باليد كثيرا، لأنها أكثر الجوارح استعمالا وأشدها أثرا، ومن ذلك قوله تعالى: {ذلك بما قدمت يداك} [الحج: ١٠].
(فإن لم يستطع فبلسانه) مفعول "يستطع" محذوف، والفاء داخلة على المتعلق بالجواب المحذوف، والتقدير: فإن لم يستطع تغيير المنكر بيده فليغيره بلسانه، والمراد من اللسان النطق والكلام.
(فإن لم يستطع فبقلبه) أي فليغيره بقلبه، وفي إطلاق التغيير على إنكار القلب توسع، لأن كراهية المنكر بالقلب لا يغير من الواقع، ولا يمنع صاحبه منه.