للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(وذلك أضعف الإيمان) الإشارة إلى التغيير بالقلب، والمراد من ضعف الإيمان ضعف أثره.

-[فقه الحديث]-

مذهب العلماء كافة أن خطبة العيد بعد الصلاة. قال القاضي عياض: هذا هو المتفق عليه من مذاهب علماء الأمصار وأئمة الفتوى، ولا خلاف بين أئمتهم فيه، وهو فعل النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين بعده. اهـ.

والجمهور على أن مروان أول من قدم الخطبة على صلاة العيد، والحديث الذي معنا نص في هذا.

وقيل: إن عثمان في شطر خلافته الأخير قدم الخطبة، لأنه رأى من الناس من تفوته الصلاة، فحرصا منه رضي الله عنه على إدراك الناس الصلاة قدم الخطبة.

وقيل: إن عمر رضي الله عنه قدم الخطبة، قال النووي بعد أن ساق القولين المذكورين: وليس ما روي عنهما بصحيح. فالمعتمد في أول من قدم الخطبة هو قول الجمهور، وأنه مروان حين كان أمير المدينة.

والسر في عمله هذا أن الناس كانوا ينصرفون عن سماع خطبته، ولم يكن يجلس لها بعد الصلاة إلا عدد قليل، وكان الكثير منهم يتعمدون ترك سماع خطبته، لما فيها من سب من لا يستحق السب، والإفراط في مدح من لا يستحق، فقصد إسماع الناس خطبته بهذا الأسلوب.

وهل كان دافعه إحراج الناس، وإلزامهم سماعه فحسب؟ أو كان يهدف إلى تحصيل ثواب أكثر لهم بسماعهم خطبة العيد، فسماع الخطبة سنة يثاب عليها؟ نميل إلى الثاني والله أعلم بالسرائر.

هذا، وبعد أن اشترط العلماء تقديم صلاة العيد على خطبته، اختلفوا فيمن خالف ذلك وقدم الخطبة على الصلاة، فذهب الحنفية إلى أنه يسن تأخير الخطبة عن الصلاة، لكن يعتد بها إن قدمت وإن كانت على خلاف السنة، ولا يعيدها بعد الصلاة.

وجمهور الفقهاء على أنه لا يعتد بالخطبة إذا قدمت، ويندب إعادتها بعد الصلاة، وقيد المالكية ندب إعادتها بقرب الزمن عرفا، فإن طال الزمن بعد الصلاة فلا تعاد.

ومن هذا العرض يتضح أن موضوع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في هذا الحديث هو مخالفة سنة، ومنه ندرك مدى غيرة الصحابة على الدين ومدى قيامهم واهتمامهم بهذا الواجب حتى مع حكامهم، نعم أنكر الرجل بلسانه واكتفى منه أبو سعيد بهذا الإنكار، وقد أثار الإمام النووي هنا إشكالا وجوابه فقال: قد يقال: كيف تأخر أبو سعيد رضي الله عنه عن إنكار هذا المنكر حتى سبقه إليه هذا الرجل؟ وجوابه: أنه يحتمل أن أبا سعيد لم يكن حاضرا أول ما شرع مروان في أسباب تقديم الخطبة، فأنكر عليه الرجل ثم دخل أبو سعيد وهما في الكلام، ويحتمل أن أبا سعيد كان حاضرا من الأول، ولكنه خاف على نفسه أو غيره حصول فتنة بسبب إنكاره، فسقط عنده الإنكار، ولم يخف ذلك الرجل شيئا، لاعتضاده بظهور عشيرته أو غير ذلك، أو أنه خاف وخاطر بنفسه، وذلك جائز في مثل هذا، بل مستحب، ويحتمل أن أبا سعيد هم بالإنكار فبدره الرجل فعضده أبو سعيد. والله أعلم. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>