عليه وسلم: "لا يقولن أحدكم خبثت نفسي". ورفع الباجي هذا التعارض بقوله: ليس بين الحديثين اختلاف، لأنه نهى عن إضافة ذلك إلى النفس، لكون الخبث بمعنى فساد الدين، ووصف بعض الأفعال بذلك تحذيرًا منها وتنفيرًا. اهـ.
-[ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم: ]-
١ - من الحديث الثاني أمر الإنسان صاحبه بما يراه خيراً له في دينه ودنياه.
٢ - وتعهد الإمام والكبير رعيته بالنظر في مصالح دينهم ودنياهم.
٣ - وأنه ينبغي للناصح إذا لم تقبل نصيحته، أو إذا اعتذر بما لا يرتضيه أن ينكف ولا يعنف إلا لمصلحة.
٤ - جواز ضرب الفخذ أسفاً على فوات ما يحب.
٥ - في الحديث طبع من طبائع الإنسان جبل عليه، وهو الجدل ومحاولة التخلص من المسئولية والدفاع عن النفس والاعتذار بشتى المعاذير، لكنه مطالب بتهذيب طبعه ليوافق شرع الله.
٦ - ومن الحديث الثالث الحث على ذكر الله تعالى عند الاستيقاظ وفي صيغه أحاديث كثيرة مشهورة في الصحيح، جمعها الإمام النووي وما يتعلق بها في باب من كتاب الأذكار. قال: ولا يتعين لهذه الفضيلة ذكر، لكن الأذكار المأثورة فيه أفضل.
٧ - والتحريض على الوضوء عند القيام من النوم.
٨ - والحث على صلاة الليل وإن قلت.
٩ - قال بعضهم: فيه إشارة إلى حكمة تخفيف الركعتين الأوليين من صلاة الليل الواردتين في الرواية الثانية عشرة من روايات باب صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه بالليل. وقال الحافظ ابن حجر: ذكر شيخنا الحافظ أبو الفضل بن الحسين في شرح الترمذي أن السر في استفتاح صلاة الليل بركعتين خفيفتين المبادرة إلى حل عقد الشيطان، وبناه على أن الحل لا يتم إلا بتمام الصلاة، وهو واضح لأنه لو شرع في صلاة ثم أفسدها لم يساو من أتمها، وكذا الوضوء، وكأن الشروع في حل العقد يحصل بالشروع في العبادة وينتهي بانتهائها.
١٠ - أخذ بعضهم من قوله: "عليك ليلاً طويلاً". اختصاص العقد بنوم الليل، وهو كذلك لكن لا يبعد أن يجيء مثله في نوم النهار. ذكره الحافظ ابن حجر.
١١ - أخذ بعضهم من طلب الوضوء لحل العقدة أن التيمم لمن ساغ له لا يقوم مقام الوضوء، لأن في الوضوء معاناة تعين على طرد النوم، والحق إجزاء التيمم كما يجزئ الغسل للجنب، فذكر الوضوء للغالب.
واللَّه أعلم