المقابر لا عن الصلاة في البيوت فصلوا فيها ولا تشبهوها بها. ثالثها: أن مثل الذاكر كالحي، وغير الذاكر كالميت، فمن لم يصل في البيت جعل نفسه كالميت وجعل بيته كالقبر. الرابع: قول الخطابي: لا تجعلوا بيوتكم أوطانًا للنوم فلا تصلوا فيها، فإن النوم أخو الموت.
(فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيرًا) فسر الخير في أحاديث أخرى بحضور الملائكة ونفرة الشيطان.
(إن الشيطان ينفر من البيت) قال النووي: هكذا ضبطه الجمهور "ينفر" ورواه بعض رواة مسلم "يفر" وكلاهما صحيح.
(احتجر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حجيرة بخصفة أو حصير) أصل الحجر المنع، والمعنى اقتطع موضعًا من المسجد منعه من غيره وحوطه بحصير ليستره ليصلي فيه ولا يمر بين يديه مار، ولا يتهوش بغيره ويتوفر خشوعه وفراغ قلبه. والخصفة بفتح الخاء والصاد والفاء الحصير، والشك من الراوي أي اللفظين سمع.
(فتتبع إليه رجال) أصل التتبع الطلب، والمعنى طلبوا موضعه واجتمعوا إليه.
(وحصبوا الباب) أي رموه بالحصباء، وهي الحصى الصغار، تنبيهًا له ظنًا منهم أنه نسي.
-[فقه الحديث]-
قال بعض العلماء: إن المراد ببعض الصلوات المطلوب صلاته في البيوت إنما هو بعض من الفرائض ليقتدي به من لا يخرج من النساء والمرضى. والجمهور على أن المراد به النافلة، لأن السر في عمل التطوع أفضل، وهذا هو الأظهر والمصرح به في الرواية السادسة، ومن فوائد الصلاة في البيوت تبركها بالصلاة ونزول الرحمة فيها وحضور الملائكة ونفرة الشيطان منها، وعمم الإمام النووي خيرية الصلاة في البيوت في جميع النوافل راتبة الفرائض والمطلقة، ولم يستثن إلا النوافل التي هي من شعائر الإسلام وهي العيد والكسوف والاستسقاء وكذا التراويح على الأصح، وبعضهم استحب الرواتب في المسجد وقصر البيوت على النفل المطلق.
-[ويؤخذ من الأحاديث: ]-
١ - الندب إلى ذكر الله تعالى في البيت، وأنه لا يخلى من الذكر فيه.
٢ - وفيها جواز التمثيل.
٣ - وأن طول العمر في الطاعة فضيلة وإن كان الميت ينتقل إلى خير، لأن الحي يستلحق به ويزيد عليه بما يفعله من الطاعات. ذكره النووي أخذًا من مقارنة الحي بالميت في مقام مدح الحي.