أشد تفصيًا من صدور الرجال من النعم من عقله. قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا يقل أحدكم نسيت آية كيت وكيت بل هو نسي".
١٥٩٤ - عن ابن مسعود رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"بئسما للرجل أن يقول نسيت سورة كيت وكيت أو نسيت آية كيت وكيت بل هو نُسي".
١٥٩٥ - عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"تعاهدوا هذا القرآن فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتًا من الإبل في عقلها". ولفظ الحديث لابن براد.
-[المعنى العام]-
القرآن كلام الله، لفظه ومعناه من عند الله، هو المعجز لفصحاء البلاغة وأئمة اللسان، تحدى به العرب فوقفت دونه قدراتهم، تحدوا بعشر سور مثله فعجزوا، ثم تحدوا بسورة من مثله فعجزوا حتى قال قائلهم أعدى أعداء القرآن: إن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو ولا يعلى عليه، وما هو من قول بشر.
من هنا لم يكن مما تعتاده الألسنة، وما تصنعه العقول، فكل قول يعاد يمل، لكن القرآن لا يمل، وكل قول يخلق بمرور الزمان، لكن القرآن لا يخلق على كثرة ترداده وتلاوته وتكراره.
من هنا كان ثقيلاً لفظًا ومعنى، وصدق الله العظيم إذ يقول:{إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً}[المزمل: ٥].
إن تناسق حروفه، واتساق كلماته، وتناسب آياته، وترابط معانيه وموضوعاته، تجعل حفظه ميسرًا، وتلاوته سهلة خفيفة على الألسنة، لكن لما كان من نوع لا نعتاده في ألسنتنا، ولا نتداوله في محادثاتنا، كان ترك تلاوته وعدم تعاهده واستذكاره مذهبًا لحفظه، مضيعًا له من صدور من ظفر به، فما أشبه حافظ القرآن بصاحب الإبل، نقصد صاحب الإبل الكثيرة، إبل البوادي التي لا تستأنس مكانًا معينًا، ولا تعتاد معاطن ثابتة، لأنها وصاحبها رحالة، كل يوم في مضرب وراء الكلأ والمرعى، فمن الذي يمسكها على صاحبها؟ وهي كما قيل عنها: سفينة الصحراء - معها خفها الذي يساعدها على الجري والمشي، ومعها سقاؤها الذي يمكنها من تحمل الجوع والعطش أيامًا، وتحصل على رزقها وطعامها بسهولة من أعشاب وأشجار كثيرة، فهي لهذا أكثر الحيوانات المستأنسة تفلتًا، فما الذي