في رواية البخاري تحت باب [نزول السكينة والملائكة عند قراءة القرآن]"عن أسيد بن حضير قال: "بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة وفرسه عنده إذ جالت الفرس .. ". إلى آخر الحديث. فالمقروء بها سورة البقرة، والمقروء في بابنا سورة الكهف، وجمع بعضهم بجواز أن يكون قد قرأ السورتين فختم إحداهما وافتتح في الأخرى.
قال النووي: في هذا الحديث جواز رؤية آحاد الأمة للملائكة. قال الحافظ ابن حجر: كذا أطلق وهو صحيح، لكن الذي يظهر التقييد بالصالح مثلاً والحسن الصوت.
قلت: لا داعي لتقييد الحافظ ابن حجر، فجواز رؤية الملائكة لحافظ القرآن الصالح الحسن الصوت ولغيره إذا شاء اللَّه مادامت بصورة غير الصور الحقيقة، فقد رآها قوم لوط، ورأى صحابة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جبريل يعلم الناس أمور الإيمان، والإسلام، والإحسان، والساعة، ورآها بعض الصحابة في قتال بدر. واللَّه أعلم.
وقال النووي: وفي الحديث فضيلة القراءة، وأنها سبب نزول الرحمة وحضور الملائكة. واعترض عليه الحافظ ابن حجر أيضًا فقال: الحكم المذكور أعم من الدليل، فالذي في الرواية إنما نشأ عن قراءة خاصة من سورة خاصة بصفة خاصة، ويحتمل من الخصوصية ما لم يذكر، وإلا لو كان على الإطلاق لحصل ذلك لكل قارئ. اهـ. والحق أن قراءة القرآن سبب نزول الرحمة على القارئ، وحضور الملائكة على الإطلاق، وهو الذي قاله النووي. أما أن ترى بهذه الصورة فهي كما يقول ابن حجر في قراءة خاصة.
-[ما يؤخذ من الحديث فوق ما تقدم: ]-
وفي الحديث فضل قراءة البقرة وسورة الكهف في الليل.
وأن التشاغل بشيء من أمور الدنيا - ولو كان من المباح - قد يفوت الخير الكثير فكيف لو كان بغير الأمر المباح.
وفيه منقبة عظيمة لأسيد بن حضير رضي الله عنه.
وفضيلة قراءة القرآن بالصوت الحسن، فقد جاء في بعض الصحيح: "دنت لصوتك".
وفي رواية: "تستمع لك". وفي رواية: "وكان أسيد حسن الصوت". وفي رواية: "اقرأ أسيد فقد أوتيت من مزامير آل داود".