ثم تأخروا، وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين. قال فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات وللقوم ركعتان.
١٦٨٩ - عن جابر رضي الله عنه أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإحدى الطائفتين ركعتين، ثم صلى بالطائفة الأخرى ركعتين، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات، وصلى بكل طائفة ركعتين.
-[المعنى العام]-
في إحدى الغزوات في السنة الرابعة أو الخامسة من الهجرة قاتل المسلمون قوماً من جهينة من المشركين قتالاً شديداً، وجاء الليل فانحسر الجيشان، ولما أصبح الصباح وقف كل من الجيشين يتربص بالآخر ويترقب غفلة أو ضعفاً، وجاء وقت الظهر فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى خلفه الجيش كله، ولم يتخلف أحد منهم لمراقبة العدو وحراستهم، والعدو واقف بينهم وبين القبلة، وكانت فرصة للمشركين لم ينتهزوها، ولم ينتبهوا لها إلا بعد انتهاء المسلمين من الصلاة فقال بعضهم لبعض: لو أننا كنا حملنا عليهم أثناء الصلاة لقطعنا دابرهم.
قال الآخرون: ما زالت الفرصة قائمة، عما قليل تأتي صلاة العصر، وهي أحب صلاة إليهم، بل أحب إليهم من أولادهم، فلنستعد لهم عندها، ونزل جبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره بمكرهم ونزل بالآية الكريمة:{وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك} أي وطائفة أخرى لا يصلوا {وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة ... }[النساء: ١٠٢]. وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حدث وصلى بهم صلاة الخوف، وفي كل غزوة كان يصلي بهم صلاة قد تختلف عن سابقتها مراعياً ظروف الحذر والحيطة مع تمكين جميع الجيش من الجماعة والصلاة معه صلى الله عليه وسلم، فكانت صلاة الخوف بصورها الواردة في أحاديثنا وفي أحاديث أخرى فضلاً من الله ورحمة، وتخفيفاَ وتيسيراً على الأمة، وتنبيهاً على مر الزمان لأمة الإسلام أن تأخذ حذرها من أعداء الإسلام في السلم والحرب، فإنهم في كل لحظة يودون أن يميلوا على المسلمين، يودون عنتهم، ويودون لو يردونهم عن إيمانهم كفاراً. نسأل الله أن يتيقظ المسلمون من غفلتهم في هذا الزمان. والله المستعان.