نعم. وللقلوب صدأ كصدأ الحديد، وسواد ودخان يتكاثف عليها كتكاثفه على النحاس بفعل النار، يجلبه الغرور وكثرة المال، والتكالب على الدنيا، والاشتغال بالماديات، وقد وصف القرآن الكريم الصنف الأول فقال:{إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم}[الأنفال: ٢].
{الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}[الرعد: ٢٨]{والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون}[المؤمنون: ٦٠]. {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله}[الزمر: ٢٣].
ووصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بقوله "جاء أهل اليمن، هم أرق أفئدة، وأضعف قلوبا، الإيمان يمان. والحكمة يمانية". "السكينة والوقار في أصحاب الشاء".
كما وصف القرآن الكريم الصنف الثاني من القلوب فقال {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا}[الكهف: ٢٨]. {لهم قلوب لا يفقهون بها}[الأعراف: ١٧٩]. {فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور}[الحج: ٤٦]. {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها}[محمد: ٢٤]. {ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة}[البقرة: ٧٤].
ووصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بقوله "غلظ القلوب والجفاء في المشرق". "الفخر والخيلاء في الفدادين أهل الخيل والإبل والوبر".
ويهدف الرسول صلى الله عليه وسلم بعد بيان اختلاف القلوب إلى إعطاء كل ذي حق حقه من المدح أو الذم، إلى إعطاء اليمنيين الذين سارعوا إلى قبول الإيمان، والتخلق بأخلاق الإسلام حقهم من الثناء عليهم. أتاكم أهل اليمن هم أضعف قلوبا وأرق أفئدة، الإيمان يمان، والفقه يمان، والحكمة يمانية، السكينة والوقار في أهل الغنم [أي أهل اليمن] وقال فيهم في حديث آخر "إن الأشعريين [وهم يمنيون] كانوا إذا أرملوا في الغزو جمعوا ما عندهم ثم اقتسموا بينهم فهم مني وأنا منهم".
وإلى إعطاء ربيعة ومضر والفدادين الذين قست قلوبهم، وأعرضوا عن الإيمان، حقهم من الذم وأنهم رأس الكفر، ومصدر الفتن، وأهل الفخر والخيلاء، والصفات الذميمة التي لا يقبلها الدين الحنيف.
فاللهم اشرح صدورنا، ويسر أمورنا، وبلغنا مما يرضيك آمالنا.
وثبت قلوبنا على الإسلام.
-[المباحث العربية]-
(ألا إن الإيمان ههنا)"ألا" أداة استفتاح وتنبيه، تدل على تحقق ما بعدها، وهي في الأصل مركبة من الهمزة و"لا" وهمزة الاستفهام إذا دخلت على النفي أفادت التحقيق، قال الزمخشري: ولكونها بهذا المنصب من التحقيق لا تكاد تقع الجملة بعدها إلا مصدرة بنحو ما يتلقى به القسم.