للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(وإن القسوة وغلظ القلوب) وفي رواية البخاري "والجفاء وغلظ القلوب" قال القرطبي: الجفاء وغلظ القلوب شيئان لمسمى واحد، كقوله تعالى {إنما أشكو بثي وحزني إلى الله} [يوسف: ٨٦] والبث هو الحزن. اهـ.

ويبدو لي أن الجفاء والقسوة كالبلادة والفظاظة، أثر من آثار غلظ القلوب إذا استعملنا غلظ القلوب في معناه الأصلي، أما إذا استعملنا السبب في المسبب عنه فإنه يتأتى أن يكون الجفاء وغلظ القلوب لمسمى واحد، كما يقول القرطبي، والأولى أن يراد بالجفاء والقسوة سوء الخلق في الظاهر من الأقوال والأفعال وبغلظ القلوب سوء الخلق في الأمور الباطنة.

(في الفدادين عند أصول أذناب الإبل) "الفدادين" بتشديد الدال الأولى، جمع فداد، وهو شديد الصوت، من الفديد، وهو الصوت الشديد، و"أصول أذناب الإبل" طرفها الملاصق للجسم، والمعنى: أن القسوة وغلظ القلوب في المكثرين من الإبل، الذين تعلو أصواتهم خلفها عند سوقهم لها.

وزعم أبو عمرو الشيباني أن "الفدادين" بتخفيف الدال جمع فداد بتشديدها، ومعناه البقر الذي يحرث عليها، والمراد أصحابها، وأنكر اللغويون هذا المعنى، والصواب الأول.

(حيث يطلع قرنا الشيطان) "قرنا الشيطان" جانبا رأسه، وهو كناية عن المشرق كأنه قال: حيث تطلع الشمس، فقد عبر في الحديث بأن الشمس تطلع بين قرني الشيطان، لأن أهل المشرق كانوا يعبدون الشمس وعبادة الشمس من الشيطان، ولهذا قيل في المعنى: قرنا الشيطان جمعاه اللذان يغري بهما الناس ويضلهم، أو شيعتاه من الكفار، فليس المقصود القرن والشيطان وإنما المقصود حيث يكثر تسلط الشيطان، كما قال في الرواية الرابعة "رأس الكفر نحو المشرق" وفي الرواية الخامسة "والكفر قبل المشرق" وفي الرواية السادسة "قبل مطلع الشمس".

(في ربيعة ومضر) بدل من "الفدادين" بإعادة الجار، أي القسوة في الفدادين من ربيعة ومضر، وربيعة ومضر كانوا يمثلون أغلبية سكان أهل المشرق.

(جاء أهل اليمن، هم أرق أفئدة) المفضل عليه محذوف، أي هم أرق أفئدة ممن سواهم، أو من أهل المشرق، وهو الأولى، والمشهور أن الفؤاد هو القلب، وعليه تكون الرواية الثالثة "هم أضعف قلوبا، وأرق أفئدة" تكريرا لمراد واحد بلفظين، وهو أولى من تكريره بلفظ واحد، وقيل: الفؤاد غير القلب، فإنه عين القلب، أو باطن القلب، أو غشاء القلب، والأحسن أن يراد بالفؤاد القوة العاقلة وهي في الرأس، وأما الوصف باللين والرقة والضعف فالمراد منه أنها ذات خشية واستكانة، وأنها سريعة الاستجابة والتأثر، لأن الغشاء إذا رق سهل نفوذ الشيء إلى ما وراءه.

(الإيمان يمان) أصله "يمني" بياء النسب المشددة، فخففت الياء وزيدت الألف عوضا عن ياء النسب، فقيل اليماني، و"يمانية" بتخفيف الياء إذ لا يجمع بين العوض والمعوض، هذا عند جمهور أهل العربية، وحكى بعضهم أن تشديد الياء مع زيادة الألف لغة.

<<  <  ج: ص:  >  >>