للصلاة، لكن يقوى كلام النووي أن الراوي الذي لم يذكر الصلاة في روايتين هو نفسه الذي ذكر الصلاة في روايتين. مما يؤكد أن ترك الصلاة في روايتيه من قبيل النسيان أو الاكتفاء بذكر بعض ما حدث] وبعضها كان في الخطبة للجمعة، ويعقبه الصلاة للجمعة، فاكتفى بها.
ولو [فرضنا أنه صلى الله عليه وسلم اكتفى مرة بالدعاء] لم يصل أصلاً كان بياناً لجواز الاستسقاء بالدعاء بلا صلاة، ولا خلاف في جوازه، وتكون الأحاديث المثبتة مقدمة، لأنها زيادة علم، ولا معارضة بينهما.
ثم قال: قال أصحابنا: الاستسقاء ثلاثة أنواع:
أحدها: الاستسقاء بالدعاء من غير صلاة.
الثاني: الاستسقاء في خطبة الجمعة، أو في أثر صلاة مفروضة وهو أفضل من النوع الذي قبله.
الثالث: وهو أكملها: أن يكون بصلاة ركعتين وخطبتين، ويتأهب قبله بصدقة وصيام وتوبة وإقبال على الخير، ومجانبة الشر، ونحو ذلك من طاعة لله تعالى.
ثم قال: وصلاة الاستسقاء ركعتان، وهو كذلك بإجماع المثبتين لها، واختلفوا هل هي قبل الخطبة؟ أو بعدها؟ فذهب الشافعي والجماهير إلى أنها قبل الخطبة. قال الليث: بعد الخطبة. وكان مالك يقول به، ثم رجع إلى قول الجماهير. قال أصحابنا: ولو قدم الخطبة على الصلاة صحتا، ولكن الأفضل تقديم الصلاة كصلاة العيد وخطبتها، وجاء في الأحاديث ما يقتضي جواز التقديم والتأخير.
قال: واختلف العلماء هل يكبر تكبيرات زائدة في أول صلاة الاستسقاء كما يكبر في صلاة العيد؟ فقال به الشافعي. وقال الجمهور: لا يكبر. واختلفت الرواية عن أحمد في ذلك. ولم يذكر في رواية مسلم الجهر بالقراءة، وذكره البخاري، وأجمعوا على استحبابه، وأجمعوا على أنه لا يؤذن لها ولا يقام لكن يستحب أن يقال: الصلاة جامعة. انتهى بتصرف.
-[ويؤخذ من الأحاديث: ]-
١ - استحباب الخروج للاستسقاء إلى الصحراء، لأنه أبلغ في إظهار الافتقار والتواضع، ولأنها أوسع للناس، إذ المفروض خروجهم كلهم، فلا يسعهم الجامع.
٢ - تحويل الرداء والجمهور على استحباب التحويل، واستحب الجمهور أيضاً أن يحول الناس رداءهم بتحويل الإمام، ويشهد له ما رواه أحمد بلفظ: "وحول الناس معه". وقال الليث وأبو يوسف: يحول الإمام وحده. وعن أبي حنيفة وبعض المالكية: لا يستحب شيء من ذلك.
واستثنى ابن الماجشون النساء، فقال: لا يستحب في حقهم. وظاهر الرواية الثانية: "فاستسقى واستقبل القبلة، وقلب رداءه". أن التحويل وقع بعد فراغ الاستسقاء، والرواية الثالثة صريحة في ذلك، ولفظها: "وأنه لما أراد أن يدعو استقبل القبلة وحول رداءه".
واختلف في حكمة هذا التحويل، فجزم المهلب بأنه للتفاؤل بتحويل الحال عما هي عليه. وتعقبه