الثانية والعشرين] محمول على أنه وجده في الصلاة، كما صرح به في الرواية [الثالثة والعشرين] ثم جمع الراوي جميع ما جرى في الصلاة من دعاء وتكبير وتهليل وتسبيح وتحميد وقراءة سورتين في القيامين الآخرين للركعة الثانية، وكانت السورتان بعد الانجلاء تتميما للصلاة، فتمت جملة الصلاة ركعتين، أولهما في حال الكسوف، والثانية بعد الانجلاء. اهـ.
أما كيفيتها فقد قال النووي: واختلفوا في صفتها: والمشهور في مذهب الشافعي أنها ركعتان، في كل ركعة قيامان وقراءتان وركوعان، أما السجود فسجدتان غيرهما، سواء تمادى الكسوف أم لا. وبهذا قال مالك وأحمد وجمهور علماء الحجاز وغيرهم، وقال الكوفيون: هما ركعتان كسائر النوافل، عملا بظاهر حديث ابن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين [روايتنا الثانية بعد العشرين والثالثة بعد العشرين].
قال: وحجة الجمهور حديث عائشة من رواية عروة وعمرة [روايتنا الأولى والثانية والثالثة والرابعة والسابعة] وحديث جابر [روايتنا الثامنة] وابن عباس [روايتنا الرابعة عشرة] وابن عمرو بن العاص [روايتنا السابعة عشرة] أنها ركعتان، في كل ركعة ركوعان وسجدتان. قال ابن عبد البر: وهذا أصح ما في الباب. وحملوا حديث ابن سمرة بأنه مطلق [صلى ركعتين ولم يبين كيفيتهما ولا الركوع فيهما] وهذه الروايات تبين المراد به.
ثم تكلم عن الروايات التي زادت ركوعاً ثالثاً، كروايتنا الخامسة والسادسة والتاسعة، والتي زادت ركوعاً رابعاً، كروايتنا الخامسة عشرة والسادسة عشرة، فقال: وذكر مسلم في رواية عن عائشة وعن ابن عباس وعن جابر: ركعتين في كل ركعة ثلاث ركعات، ومن رواية ابن عباس: وصلى ركعتين في كل ركعة أربع ركعات. قال الحافظ: الروايات الأولى أصح، ورواتها أحفظ وأضبط، ولأبي داود من رواية أبي بن كعب:"ركعتين في كل ركعة خمس ركعات". وقد قال بكل نوع بعض الصحابة.
وقال جماعة من أصحابنا الفقهاء المحدثين وجماعة من غيرهم: هذا الاختلاف في الروايات بحسب اختلاف حال الكسوف، ففي بعض الأوقات تأخر انجلاء الكسوف، فزاد عدد الركعات، وفي بعضها أسرع الانجلاء فاقتصر، وفي بعضها توسط بين الإسراع والتأخر فتوسط في عدده. وهذا التوجيه بعيد، لأن تأخر الانجلاء لا يعلم في الركعة الأولى، والروايات متفقة على أن عدد الركوع في كل من الركعتين سواء، فهذا يدل على أن عدد الركوع مقصود من أول الحال.
والأولى ما قاله جماعة من العلماء من أنه جرت صلاة الكسوف في أوقات متعددة، واختلاف صفتها محمول على بيان جواز جميع ذلك، فتجوز صلاتها على كل واحد من الأنواع الثابتة. وهذا أقوى [وبه أخذ الحنابلة].
قال: واتفق العلماء على أنه يقرأ الفاتحة في القيام الأول من كل ركعة واختلفوا في القيام الثاني، فمذهبنا ومذهب مالك وجمهور أصحابه أنه لا تصح الصلاة إلا بقراءتها فيه، وقال بعض المالكية: لا يقرأ الفاتحة في القيام الثاني.