قال: واتفقوا على استحباب إطالة القراءة والركوع فيها، كما جاءت الأحاديث، ولو اقتصر على الفاتحة في كل قيام وأدى طمأنينته في كل ركوع صحت صلاته، وفاته الفضيلة.
قال: واختلفوا في إطالة السجود، فقال جمهور أصحابنا: لا يطوله، بل يقتصر على قدره في سائر الصلوات. وقال المحققون منهم: يستحب إطالته نحو الركوع الذي قبله، للأحاديث الصحيحة الصريحة في ذلك. اهـ.
ولعله يشير إلى روايتنا التاسعة، وفيها:"وركوعه نحو من سجوده". أو الرواية السابعة عشرة، وفيها تقول عائشة:"ما ركعت ركوعاً قط، ولا سجدت سجوداً قط كان أطول منه". لكن بقية الروايات لم تصف السجود بالطول حين أبرزت وصف القيام والركوع بالطول الشديد، مما يرجح الرأي القائل بعدمه.
-[ويؤخذ من أحاديث الكتاب]-
١ - من الرواية الأولى، من قوله:"فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي". أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحافظ على الوضوء، فلهذا لم يحتج إلى الوضوء في تلك الحال، وفيه نظر، لجواز أن يكون في الرواية حذف، فليس نصا في أنه كان على وضوء. ذكره الحافظ ابن حجر.
٢ - ومن قوله:"فخطب الناس". مشروعية الخطبة في الكسوف، وهي دليل للشافعي وأصحاب الحديث، حيث قالوا: يستحب بعد الصلاة خطبتان. وقال ابن قدامة: لم يبلغنا عن أحمد ذلك. والحنفية يقولون: ليس في الكسوف خطبة ويقولون عن الأحاديث المثبتة بأنه صلى الله عليه وسلم لم يقصد لها خطبة بخصوصها، وإنما أراد أن يبين لهم الرد على من يعتقد أن الكسوف لموت بعض الناس. وتعقب هذا القول بأن الأحاديث الصحيحة صرحت بالخطبة، وذكرت كثيراً من شرائطها من الحمد والثناء والموعظة بمواعظ أخرى، كالتخويف من النار، وما رأى فيها، والترغيب في الجنة وما رأى فيها، وعذاب القبر، وكفران العشير. ونحو ذلك.
والمشهور عند المالكية أن لا خطبة لها. قال الحافظ ابن حجر: والعجب أن مالكاً روى حديث هشام وفيه التصريح بالخطبة ولم يقل بها أصحابه. اهـ.
٣ - وأن الخطبة لا تفوت بالانجلاء، بخلاف ما لو انجلت قبل أن يشرع في الصلاة، فإنه يسقط الصلاة والخطبة.
٤ - وأن الخطبة تفتتح بحمد الله والثناء عليه، ومذهب الشافعي أن لفظة (الحمد لله) متعينة، فلو قال معناها لم تصح خطبته. ذكره النووي.
٥ - وفيه إبطال ما كان أهل الجاهلية يعتقدونه من تأثير الكواكب في الأرض. قال الخطابي: كانوا في الجاهلية يعتقدون أن الكسوف يوجب حدوث تغير في الأرض من موت أو ضرر، فأعلم النبي صلى الله عليه وسلم أنه اعتقاد باطل، وأن الشمس والقمر خلقان مسخران لله، ليس لهما سلطان في غيرهما، ولا قدرة على الدفع عن أنفسهما.