أما غسل الرجل بنته أو أمه أو غيرهما من محارمه فهو جائز عند مالك والشافعي، فإنها كالرجل بالنسبة إليه في العورة والخلوة، ومنعه أبو حنيفة وأحمد.
أما غسل المرأة الصبي وغسل الرجل الصبية، فقال ابن المنذر: أجمع العلماء على أن للمرأة أن تغسل الصبي الصغير. وقال الحسن: تغسله إذا كان فطيماً أو فوقه بقليل. وقال مالك وأحمد: ابن سبع سنين. وقال الشافعية: تغسله ما لم يبلغ حداً يشتهى. اهـ.
وقد تعارفت أغلب الأعراف على ممارسة امرأة هذه المهمة للنساء وممارسة رجل لها للرجال، على اعتبار أن من له الحق قد تنازل عنه وفوض الغاسل أو الغاسلة، وهذا أفضل من حيث إتقان الغسل وإحكامه غالبا، وها هي أم عطية في أحاديث الباب تقوم بغسل زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم مع وجود زوجها وأختها وأبيها صلى الله عليه وسلم.
وأما في كيفية الغسل، واجباته ومستحباته وآدابه، فقال العلماء:
١ - يستحب المبادرة إلى الغسل والتجهيز له عند تحقق الموت.
٢ - يستحب أن يحمل الميت إلى موضع خال مستور، لا يدخله أحد إلا الغاسل ومن لا بد من معونته. وقال بعضهم: إن للولي أن يدخل ذلك الموضع إن شاء، وإن لم يغسل ولا أعان، اعتماداً على ما جاء في بعض الروايات في أن العباس حضر غسل النبي صلى الله عليه وسلم ولم يشترك ولم يعن، لأن الذين تولوا الغسل علي والفضل بن العباس، وأسامة بن زيد يناول الماء.
٣ - يجهز الماء في إناء كبير ليغرف منه، وأن يكون قريباً من المغتسل والشافعية على أن الماء البارد أولى، لأنه يشد البدن، والساخن يرخيه، إلا أن يحتاج إلى المسخن لشدة البرد، أو لوسخ وغيره، وعند أبي حنيفة المسخن أولى بكل حال.
٤ - يستحب أن يوضع بالمكان طيب فائح، لئلا تظهر رائحة ما يخرج.
٥ - يستحب وضع السدر في الماء ففي الرواية الأولى "بماء وسدر واجعلن في الآخرة كافوراً"، وفي الرواية الخامسة "واجعلن في الخامسة كافوراً".
قال ابن المنير: قوله في الحديث: "بالماء والسدر" جعلهما معاً آلة لغسل الميت، وظاهره أن السدر يخلط في كل مرة من مرات الغسل. اهـ وعليه فيعد الماء كله في إناء واحد يخلط بالسدر، ويغسل به جميع المرات، وبه قال أحمد.
وقال القرطبي: يجعل السدر في ماء [أي قليل] ويخضخض إلى أن تخرج رغوته، ويدلك به جسده، ثم يصب عليه الماء القراح، فهذه غسلته. اهـ وعليه فينبغي إعداد إناء به ماء قليل يوضع فيه السدر، وآخر به ماء كثير يضاف.
وعن ابن سيرين: يغسل بالماء والسدر مرتين، والثالثة بالماء والكافور، فيعد على هذا إناءان، أحدهما ماء بالسدر، والثاني ماء بالكافور، وهذا أقرب الأوضاع لحديث أم عطية.