للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٩١٥ - عن أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي حديث يحيى بن سعيد "يستريح من أذى الدنيا ونصبها إلى رحمة الله".

-[المعنى العام]-

لا شك أن الموت يثير الفزع عند محبي الميت وأهله، كلنا نؤمن به، ونؤمن بأنه حق، ونؤمن بأنه باب يدخله كل حي، لكننا ننساه أو نتلهى عنه بمتاع الحياة الدنيا، ولذلك نصدم به ونصاب بالفزع والهلع عندما يقضي على عزيز، إن لحظاته لحظات التسليم للقضاء والقدر، لحظات التسليم بالقدرة القاهرة، لحظات التسليم بالعجز وعدم الحول، من هنا كان الموت عبرة وذكرى، ومن هنا شرع القيام للجنازة وأجر على المشاركة في تجهيزها وتشييعها والصلاة عليها ودفنها، ففي ذلك من الاعتبار والاتعاظ ما يدفع للعمل الصالح والاستعداد لمثل ذلك المصير، فضلاً عما في ذلك من إعانة لأهل الميت ومساعدة لهم، ومشاركة في مصابهم، يضاف لكل ذلك ما يعود على الميت نفسه من هذه المشاركة، إذ الصلاة عليه دعاء له، وذكره والأسى بفراقه ثناء واستغفار وشفاعة، نرجو له بها الفضل من الله والرحمة والرضوان.

وإذا كانت هذه المهام من خصوصيات الرجال فلأن استعدادهم يناسبها دون النساء اللائي يتصفن بالعاطفة الغالبة وبسرعة الانفعال والتأثر الشديد بالموقف الصعب. لهذا نهي عن اتباع النساء الجنائز، ولم يشرع في حقهن الصلاة على الميت ولا دفنه، أما الرجال فقد استنفروا لتشييع الجنائز، ورغبوا في ذلك، ووعدوا بالأجر الكبير، من تبع الجنازة حين تخرج من بيتها إلى أن يصلى عليها فله قيراط من الأجر يزن جبل أحد، ومن تبع الجنازة مما بعد الصلاة عليها حتى ينتهى من دفنها فله من الأجر ما يزن جبل أحد. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على ذلك أمام أصحابه. كما كان يعلمهم ويحثهم، ويأمرهم أن يقفوا إذا مرت الجنازة عليهم، وأن يكثروا من الثناء على الميت بما يعلمون من صلاح حاله وأن يمسكوا عن مساوئه، فإنهم شهداء الله في الأرض، فمن كثرت حسناته ومعاملاته الطيبة كان ذكره جميلاً، ويستر الله له ما لا يعلمون، ويغفر له ما يسترون.

فاللهم اجعلنا خيراً مما يظنون واغفر لنا ما لا يعلمون، واجعل لنا لسان صدق وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.

-[المباحث العربية]-

(أسرعوا بالجنازة) المراد من الجنازة هنا الميت، لأنه الذي يوصف بالصلاح، والمراد من الإسراع شدة المشي، أي فوق سجية المشي المعتاد وفي الكلام مضاف محذوف، أي بحملها إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>