للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قبرها. وقيل: المعنى أسرعوا بتجهيزها فهو أعم من التشييع. قال النووي: الثاني باطل مردود بقوله في الحديث: "كان شراً تضعونه عن رقابكم". ورد بأن الحمل على الرقاب قد يعبر به عن الأمور المعنوية، كما تقول: حمل فلان على رقبته ذنوباً، ويؤيده أن حمل الميت لا يقوم به كل المشيعين، بل بعضهم، ويؤيده حديث ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا مات أحدكم فلا تحبسوه وأسرعوا به إلى قبره". أخرجه الطبراني. والحق أن كلا الأمرين مطلوب، والخلاف في المراد منهما هنا. وهو أمر سهل.

(من شهد الجنازة حتى يصلى عليها) "يصلى" باللام المشددة المفتوحة مبني للمجهول، وفي بعض الروايات بكسرها، مبني للمعلوم. أي من حضر خروجها والصلاة عليها، فابتداء الشهادة من أول خروجها من بيتها، ففي رواية لأحمد: "فمشى معها من أهلها".

(فله قيراط) بكسر القاف، وأصله بكسر القاف وتشديد الراء لأن جمعه قراريط، فأبدل أحد الراءين ياء، والقيراط في الموزونات جزء من اثنى عشر جزءاً من الدرهم. وقيل: ربع سدس درهم، أي جزء من أربعة وعشرين جزءاً من الدرهم. وقيل: نصف عشر دينار. وقيل: جزء من أربعة وعشرين جزءاً من الدينار، فهو اسم لجزء من كل يختلف باختلاف أعراف البلاد، وهو هنا إشارة إلى جزء من الأجر المتعلق بالميت في تجهيزه وغسله وجميع ما يتعلق به.

(ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان) قيراط الصلاة وقيراط التشييع، فالمعنى مجموع ما له قيراطان، وليس المراد أن القيراطين غير القيراط الأول. وقيل: قيراطان غير قيراط الصلاة.

(مثل الجبلين العظيمين) في الرواية الثالثة "أصغرهما مثل أحد"، وفي الرواية السادسة "كل قيراط مثل أحد" والمقصود من التشبيه عظم قدر القيراط من الأجر، ورفع ما يتوهم من صغر وزنه في تقديرهم على حسب عرفهم. قال الحافظ ابن حجر: في حديث واثلة عند ابن عدي "كتب له قيراطان من أجر أخفهما في ميزانه يوم القيامة أثقل من جبل أحد". فأفادت هذه الرواية بيان وجه التمثيل بجبل أحد، وأن المراد به زنة الثواب المرتب على ذلك العمل. اهـ.

(أكثر علينا أبو هريرة) أي أكثر علينا في ذكر الأجر، أو أكثر علينا الرواية، والمقصود أنه خاف عليه النسيان والاشتباه للكثرة، ولم يتهمه ابن عمر.

(فبعث إلى عائشة فسألها فصدقت أبا هريرة) في الرواية السادسة تفصيل للإرسال، وفي بعض الروايات ما يفيد أن خباباً بعد أن جاء بتصديق عائشة أخذ أبو هريرة بيد ابن عمر فانطلقا حتى أتيا عائشة، فقال لها: يا أم المؤمنين أنشدك الله. أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ... فذكره، فقالت: اللهم نعم. فقال أبو هريرة: لم يشغلني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غرس الوادي ولا صفق بالأسواق، وإنما كنت أطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أكلة يطعمنيها، أو كلمة يعلمنيها. قال ابن عمر: كنت ألزمنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلمنا بحديثه.

<<  <  ج: ص:  >  >>