للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٦ - وإعمال الحكم بالظاهر، قال بعضهم: ليس المعنى أن الذي يقولونه في حق شخص يكون كذلك حتى يصير من يستحق الجنة من أهل النار بقولهم ولا العكس، بل معناه أن الذي أثنوا عليه خيراً رأوه منه، فكان ذلك علامة على كونه من أهل الجنة، وبالعكس.

وقال النووي: قال بعضهم: معنى الحديث أن الثناء بالخير لمن أثنى عليه أهل الفضل، وكان ذلك مطابقاً للواقع فهو من أهل الجنة، فإن كان غير مطابق فلا وكذا عكسه. قال: والصحيح أنه على عمومه، وأن من مات منهم فألهم الله تعالى الناس الثناء عليه بخير كان دليلاً على أنه من أهل الجنة سواء كانت أفعاله تقتضي ذلك أم لا، فإن الأعمال داخلة تحت المشيئة، وهذا إلهام يستدل به على تعينها، وبهذا تظهر فائدة الثناء. اهـ وعقب ابن حجر فقال: وهذا في جانب الخير واضح، ويؤيده ما رواه أحمد وابن حبان والحاكم عن أنس مرفوعاً: "ما من مسلم يموت، فيشهد له أربعة من جيرانه الأدنين أنهم لا يعلمون منه إلا خيراً، إلا قال الله تعالى: "قد قبلت قولكم وغفرت له ما لا تعلمون". ثم قال: وأما جانب الشر فظاهر الأحاديث أنه كذلك لكن إنما يقع في حق من غلب شره على خيره.

وقال الداودي: المعتبر في ذلك شهادة أهل الفضل والصدق لا الفسقة لأنهم قد يثنون على من يكون مثلهم، ولا من بينه وبين الميت عداوة، لأن شهادة العدو لا تقبل. اهـ.

١٧ - واستدل بالحديث على جواز ذكر المرء بما فيه من خير أو شر للحاجة، ولا يكون ذلك من الغيبة، قال النووي: فإن قيل: كيف بالثناء بالشر مع الحديث الصحيح في البخاري: "ولا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا". فالجواب أن النهي عن سب الأموات هو في غير المنافق وسائر الكفار وفي غير المتظاهر بفسق أو بدعة فأما هؤلاء فلا يحرم ذكرهم بشر، للتحذير من طريقتهم، ومن الاقتداء بآثارهم والتخلق بأخلاقهم، وهذا الحديث محمول على أن الذي أثنوا عليه شراً كان مشهوراً بنفاق أو نحوه. اهـ.

وقيل في الجمع بين الحديثين: يحمل النهي على ما بعد الدفن، والجواز على ما قبله ليتعظ به من سمعه. وقيل: إن هذا الذي وقع كان على معنى الشهادة، والمنهي عنه ما كان على معنى السب، وقد أجمع العلماء على جواز جرح المجروحين من الرواة أحياء وأمواتاً.

١٨ - والحديث أصل في قبول الشهادة بالاستفاضة وأن أقل أصلها اثنان

١٩ - قال ابن العربي: وفيه جواز الشهادة قبل الاستشهاد، وقبولها قبل الاستفصال.

٢٠ - قال النووي: وفيه استحباب توكيد الكلام المهم بتكراره ليحفظ وليكون أبلغ.

٢١ - يؤخذ من الرواية الحادية عشرة أن الموت خير للمؤمن الطائع وللفاجر، أما المؤمن فيستريح من نصب الدنيا، أما الفاجر فمستراح منه يستريح منه العباد بانقطاع أذاه عنهم، ومن ظلمه لهم، وارتكابه المنكرات، لأنهم إن أنكروها قاسوا مشقة ذلك، وربما نالهم منه ضرر، وإن سكتوا عنه أثموا ويستريح منه الدواب، لأنه كان يؤذيها ويضربها ويحملها ما لا تطيقه، ويجيعها في بعض الأوقات وغير ذلك، ويستريح منه البلاد والشجر، لأنها تمنع المطر بمعصيته.

<<  <  ج: ص:  >  >>