(كم من عذق معلق في الجنة) العذق هنا بكسر العين، وهو الغصن من النخلة، وأما العذق بفتحها فهو النخلة بكمالها، وليس مراداً هنا، والمعنى كثير من أغصان النخلة المحملة بالثمار المدلاة.
(لابن الدحداح) قال صلى الله عليه وسلم هذا القول عند انصرافه من دفن ابن الدحداح.
قالوا: وسبب هذا الأجر أن يتيماً خاصم أبا لبابة في نخلة، فبكى الغلام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي لبابة:"أعطه إياها ولك بها عذق في الجنة". فقال: لا. فسمع بذلك أبو الدحداح، فاشتراها من أبي لبابة بحديقة له، ثم قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ألي بها عذق إن أعطيتها اليتيم؟ قال:"نعم". فأعطاه إياها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كم عذق معلق في الجنة لأبي الدحداح أو لابن الدحداح".
-[فقه الحديث]-
تتعرض أحاديث الباب للصلاة على الميت، وكيفيتها، وحكم الصلاة على القبر، وعلى الغائب، وفي المصلى أو المسجد، ثم تتعرض للقيام للجنازة.
وصلاة الجنازة فرض كفاية إذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقين. قال النووي: وقد نقلوا الإجماع على وجوبها إلا ما حكى عن بعض المالكية أنه جعلها سنة، وهذا متروك لا يلتفت إليه. قال: وفي أقل ما يسقط به الفرض قيل: صلاة رجل واحد. وقيل: رجلان. وقيل: ثلاثة. وقيل: أربعة.
ولا يشترط فيها الجماعة، وإذا لم يحضره إلا النساء وجب عليهن الصلاة عليه، ويسقط الفرض بفعلهن حينئذ، سواء كان الميت رجلاً أو امرأة.
ويشترط لصحتها ما يشترط للصلاة، من طهارة الحدث، وطهارة النجس في البدن والثوب والمكان، وستر العورة، واستقبال القبلة. وقال أبو حنيفة: يجوز التيمم لها مع وجود الماء إذا خاف فوتها إن اشتغل بالوضوء، وهو رواية عن أحمد. وقال الشيعة: تجوز صلاة الجنازة بغير طهارة مع إمكان الوضوء والتيمم لأنها دعاء.
والسنة أن يقف الإمام عند عجيزة المرأة بلا خلاف عند الشافعية، لأنه بذلك يسترها عن الناس، والرواية الثامنة والعشرون والتاسعة والعشرون صريحة في ذلك، وكون هذه المرأة في نفاسها وصف غير معتبر اتفاقاً، وإنما هو حكاية أمر وقع. وقال مالك: يقوم من المرأة عند منكبيها، أما الرجل فقيل: كالمرأة. ووصف كونها امرأة في الحديث غير معتبر، كوصف كونها نفساء. وقيل: يقف عند رأسه، وهو مذهب الشافعي وأحمد والمشهور عند الحنفية. وقال مالك: يقف عند وسط الرجل. وقال الحسن البصري: يقف حيث شاء من الرجل والمرأة. ولا خلاف في أن مكان الوقوف سنة، فلو خالف الأحوال المذكورة صحت الصلاة.
وأما كيفيتها: فعند الشافعية أربع تكبيرات، ينوي وجوباً عند التكبيرة الأولى الصلاة على هذا