الميت، أو هؤلاء الموتى، إن كانوا جمعاً، والتكبيرات الأربع أركان، ولا تصح هذه الصلاة إلا بهن، يقرأ الفاتحة بعد الأولى، وقراءة الفاتحة ركن على الصحيح، وفي مكانها وكونها بعد الأولى مستحب على الصحيح. وفي استحباب قراءة سورة بعدها خلاف، وكذا الاستعاذة ودعاء الاستفتاح واتفقوا على أنه يجهر بالتكبير والسلام، وعلى أنه يسر بالقراءة نهاراً، وعلى أنه يسر بغير القراءة من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء ليلاً ونهاراً. واختلفوا في الجهر بالقراءة ليلاً، ورجح النووي الإسرار.
ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الثانية، وهي واجبة في المشهور عن الشافعية. وفي قول أنها سنة، وأقلها: اللهم صل على محمد. واستحب بعضهم التحميد قبل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
ويدعو للميت بعد التكبيرة الثالثة، وهو فرض في صلاة الجنازة وركن من أركانها، بل هو القصد الأساسي منها، وهل يشترط تخصيص الميت بالدعاء، أو يكفي الدعاء للمؤمنين والمؤمنات ويدخل فيه الميت ضمناً؟ قولان، وأقله ما يصدق عليه الدعاء، أما أكمله فقد وردت فيه أحاديث منها روايتنا السادسة والعشرون والسابعة والعشرون، وقد التقط الشافعي من مجموع الأحاديث دعاء ورتبه واستحبه ولفظه:"اللهم هذا عبدك وابن عبدك، خرج من روح الدنيا وسعتها ومحبوبها وأحبابه فيها إلى كلمة القبر وما هو لاقيه، كان يشهد أن لا إله إلا أنت وأن محمداً عبدك ورسولك وأنت أعلم به، اللهم نزل بك وأنت خير منزول به، وأصبح فقيراً إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه، وقد جئناك راغبين إليك شفعاء له، اللهم إن كان محسناً فزد في إحسانه، وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته، والقه برحمتك ورضاك، وقه فتنة القبر وعذابه وافسح له في قبره، وجاف الأرض عن جنبيه، ولقه برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين.
ويدعو للمؤمنين والمؤمنات، ومن الأدعية الواردة في ذلك: "اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإسلام والإيمان".
فإن كان الميت صبياً أو صبية اقتصر على الدعاء الأخير، وضم إليه: "اللهم اجعله فرطاً لأبويه، وسلفاً وذخراً، وعظة واعتباراً، وشفيعاً، وثقل به موازينهما، وأفرغ الصبر على قلوبهما، ولا تفتنهما بعده، ولا تحرمهما أجره".
ويسلم بعد الرابعة، وقيل: يدعو بعد الرابعة وقبل السلام للمؤمنين والوارد: "اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده، واغفر لنا وله".
والصحيح عند الشافعية تسليمتان، وبه قال أبو حنيفة، وقال أكثر العلماء هي تسليمة واحدة.
قال النووي في المجموع: كان لبعض الصحابة وغيرهم خلاف في أن التكبير المشروع خمس أم أربع أم غير ذلك -يشير إلى روايتنا الثانية عشرة- ثم انقرض ذلك الخلاف، واجتمعت الأمة الآن على أنه أربع تكبيرات بلا زيادة ولا نقصان.