أما رفع الأيدي عند التكبير فقد أجمعوا على استحبابه في أول تكبيرة واختلفوا في غيرها، فعن الشافعي وأحمد الرفع في كل تكبيرة، وعن الحنفية في الأولى، واختلفت الروايات عن مالك.
أما صلاة الجنازة على القبر فالشافعية وأحمد على أنه من فاتته الصلاة على الميت وأراد الصلاة عليه في القبر جاز بلا خلاف، وخلافهم في المدة المسموح بالصلاة فيها بعد الدفن، ثلاثة أيام؟ شهر؟ ما لم يبل جسده؟ يصلي عليه أبداً.
وروايتنا السابعة والثامنة والتاسعة والعاشرة والحادية عشرة دليل الجواز: وظاهرها عدم التباعد الزمني بين الدفن، وبين الصلاة على القبر، وإن سبقت الصلاة على الميت.
وقال مالك وأبو حنيفة: لا يصلى على الميت إلا مرة واحدة، ولا يصلى على القبر إلا أن يدفن بلا صلاة، وإلا أن يكون الولي غائباً فصلى غيره عليه ودفن فللولي أن يصلي على القبر.
وقال أبو حنيفة: لا يصلى على القبر بعد ثلاثة أيام من دفنه، وقال أحمد: إلى شهر.
وأما الصلاة على الميت الغائب فقد قال النووي: مذهبنا جواز الصلاة على الميت الغائب عن البلد، سواء كان في جهة القبلة أم في غيرها، ولكن المصلي يستقبل القبلة. ولا فرق بين أن تكون المسافة بين البلدين قريبة أو بعيدة، أما إذا كان الميت في البلد. فالجمهور على أنه لا يجوز أن يصلى عليه حتى يحضر عنده لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل على حاضر في البلد إلا بحضرته.
قال الرافعي: وينبغي أن لا يكون بين الإمام والميت أكثر من مائتي ذراع. وقيل: تجوز صلاة الغائب في البلد كالغائب البعيد.
ومنع أبو حنيفة ومالك الصلاة على الغائب، [وأحاديث الباب روايتنا الأولى والثانية وما بعدها] تؤيد الشافعية، وردهم عليها بأن الأرض طويت بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم خيالات، ولو فتح هذا الباب لم يبق وثوق بشيء من ظواهر الشرع لاحتمال انحراف العادة في تلك القضية، وأنه لو كان شيء من ذلك لتوافرت الدواعي لنقله. اهـ.
وذهب أحمد وجمهور السلف إلى ما ذهب إليه الشافعية، حتى قال ابن حزم: لم يأت عن أحد من الصحابة منعه. قال الشافعي: الصلاة على الميت دعاء له وهو إذا كان ملففاً يصلى عليه، فكيف لا يدعى له وهو غائب أو في القبر بذلك الوجه الذي يدعى له به وهو ملفف؟ ودافع بعض من كره الصلاة على الغائب بأن النجاشي كان بأرض ليس بها من يصلي عليه.
قال الحافظ ابن حجر: وهذا محتمل. إلا أنني لم أقف في شيء من الأخبار على أنه لم يصل عليه في بلده أحد.
وقال بعضهم: إن ذلك خاص بالنجاشي، لأنه لم يثبت أنه صلى الله عليه وسلم على ميت غائب غيره، وقد مات كثير من الصحابة، وهم غائبون عنه، وسمع بهم فلم يصل عليهم، ولعله قصد بالصلاة على النجاشي إشاعة أنه مات مسلماً.
ورد بأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وقد استشهدا في غزوة مؤته.