للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القبور فزوروها. ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث فأمسكوا ما بدا لكم. ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء فاشربوا في الأسقية كلها ولا تشربوا مسكراً" قال ابن نمير في روايته عن عبد الله بن بريدة عن أبيه.

١٩٦٦ - عن جابر بن سمرة قال أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قتل نفسه بمشاقص فلم يصل عليه.

-[المعنى العام]-

من الأرض نشأنا، وإلى باطن الأرض نعود، ومنها نبعث على خير إن شاء الله، وصدق جل شأنه حيث يقول: {منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى} [طه: ٥٥].

والمتدبر في مصير الكائنات الحية التي تدب على الأرض يجدها تموت وتبقى على سطح الأرض لا تواري غالباً، حتى تفنى وتتحلل وتذروها الرياح أو يأكل بعضها بعضاً، إلا الإنسان فقد كرمه ربه في حياته {ثم أماته فأقبره} [عبس: ٢١] يحكي القرآن الكريم قصة الدفين الأول حين قتل قابيل هابيل ثم حمله على كتفه طويلاً، ماذا يفعل في جثته؟ أيتركها للطير والسباع وهو أخوه؟ أم يظل يحملها وقد أوشكت على التغير؟ {فبعث الله غراباً يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه قال يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي} [المائدة: ٣١]؟ فحفر حفرة لأخيه فواراه التراب، وهكذا كرم الله بني آدم بعد موتهم بدفنهم في قبور.

وقطعت الإنسانية أشواطاً بعيدة في بناء قبورها حتى رأينا أهرامات الفراعنة وفنها وخيالها، وجاء الإسلام بمواصفات للقبور لا مبالغة في تحصينها ولا إفراط ولا إسراف في تزيينها، فلا نفع للميت من مباهجها، ولا مبالغة في إهمالها، ولا تفريط في إعدادها وصيانتها، فتكريم الميت وحمايته أهم أهدافها، فلا تجصص القبور ولا يبنى عليها، ولا تقدس فيصلى إليها، وتحترم فلا يجلس عليها، ولا تداس بالنعال، بل ولا يستند إليها، وأن تعمق الحفرة حتى لا تنبش فيعرض الميت للسباع، وتغطى بكثير من التراب حتى لا تظهر ولا تنتشر الريح بين الأحياء.

فكانت القبور في الإسلام ثلاثة أشكال: حجرة صغيرة تحت الأرض مبنية ومسقوفة، يدفن فيها الميت فوق ترابها ثم يغلق عليه بابها. الشكل الثاني: يشق في وسط تلك الحجرة شق على قدر الميت طولاً وعرضاً ثم يوضع الميت، ثم ينصب عليه طوب غير محروق، أو حجارة بحيث يكون بينها وبين الجسد فاصل، ثم يهال فوق الحجارة التراب بقدر ما خرج من الحفرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>