للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وظاهر الرواية الأولى أن الدفن في اللحد أفضل، حيث أوصى به سعد بن أبي وقاص، وحيث إنه الذي صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم. قال النووي في المجموع: أجمع العلماء على أن الدفن في اللحد وفي الشق جائزان -أي وكذا القبر- لكن إن كانت الأرض صلبة لا ينهار ترابها فاللحد أفضل للحديث المشار إليه -وإن كانت رخوة تنهار فالشق أفضل. اهـ والقبر كالشق.

وقد ذكر النووي في المجموع مسائل تتعلق بالقبر منها:

١ - أنه يستحب أن لا يزاد القبر على التراب الذي أخرج منه -على معنى أنه يوضع فوق القبر ترابه الذي أخرج منه بالحفر، فيرتفع عن سطح الأرض بمقداره.

قال الشافعي والأصحاب، إنما قلنا: يستحب أن لا يزاد لئلا يرتفع القبر ارتفاعاً كثيراً. قال الشافعي: فإن زاد فلا بأس. قال الأصحاب: معناه أنه ليس بمكروه، ولكن المستحب تركه. قال النووي: فإن قيل: هذا مخالف لحديث علي رضي الله عنه قال: "أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أدع قبراً مشرفاً إلا سويته" -روايتنا الرابعة: فالجواب ما أجاب به أصحابنا، قالوا: لم يرد التسوية بالأرض، وإنما أراد تسطيحه، جمعا بين الأحاديث. اهـ. ولا شك أن هذا خلاف ظاهر الحديث فالتسوية جعل الشيء مساوياً لشيء، وتسوية المشرف جعله غير مشرف على ما حوله، فظاهر الحديث تسوية القبور بالأرض. أما أن الأمر للوجوب أو للندب أو للأولى فهذا أمر آخر. والله أعلم.

٢ - ومنها أن نص الشافعي على أن تستطيح القبر أفضل، وهو مذهب مالك وداود. وقال أبو حنيفة وأحمد: التسنيم أفضل، ويستدل لهم بما ثبت في صحيح البخاري عن سفيان التمار قال: "رأيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسنماً". ورد بأن القبر غير عما كان، فكان أول الأمر مسطحاً، ثم لما سقط الجدار في زمن الوليد بن عبد الملك أصلح فجعل مسنماً.

٣ - ومنها أنه يستحب أن يوضع عند رأسه علامة من حجر أو خشبة أو غيرهما، قاله الشافعي وسائر أصحابه. وقيل: علامتان. أحدهما عند رأسه، والأخرى عند رجليه.

٤ - ومنها أنه يكره أن يجصص القبر -وروايتنا الخامسة والسادسة صريحتان في ذلك، ويكره أن يكتب عليه اسم صاحبه أو غير ذلك، وأن يبنى عليه. قال النووي: وهذا لا خلاف فيه عندنا، وبه قال مالك وأحمد وجماهير العلماء. وقال أبو حنيفة: لا يكره. والله أعلم.

النقطة الثانية كيفية دفن الميت، وقد ذكر النووي في ذلك مسائل:

إحداها: أن مذهب الشافعي أنه يسن أن يوضع رأس الميت من الطرف الذي سيكون فيه رجله ثم يسل من جهة رأسه سلاً رفيقاً، وهو مذهب أحمد: وقال أبو حنيفة: يدخل بعرضه من ناحية القبلة. وقال مالك: كلاهما سواء.

ثانيتها: يستحب لمن يتولى الدفن أن يقول عند إدخال الميت القبر: بسم الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>