جميل إلا أنه كان فقيراً فأغناه الله. وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً، قد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله. وأما العباس فهي علي ومثلها معها". ثم قال "يا عمر أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه؟ ".
-[المعنى العام]-
شاء الله الحكيم الخبير أن يرزق بعض الناس من أيدي الناس، وأن يهب الغنى لقوم ليعطوا قوماً آخرين، ولو شاء لجعلهم أمة واحدة أغنياء، لا يحتاج أحد لأحد، لكن لمصلحة البشر فضل بعضهم على بعض في الرزق، ليثاب الغنى المعطى عن عطائه، ويثاب الفقير على صبره ورضاه بقدره، جعل للفقراء حقاً في مال الأغنياء، وحق معلوم للسائل والمحروم، يؤخذ من الأغنياء فيرد إلى الفقراء، أوحى إلى نبيه مقدار حق الفقير في مال الغني، وهو قليل من كثير وكان من الحكمة أن يجعل نصاباً يعد الغني به غنياً: "ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة" أي ليس على من لم يملك أربعمائة قدح من القمح أو الشعير أو الذرة أو التمر أو الزبيب زكاة.
"وليس فيما دون خمس ذود صدقة". أي ليس على من لم يملك خمسة من الإبل زكاة.
"وليس فيما دون خمس أواق صدقة". أي ليس على من لم يملك خمس أواق من الفضة زكاة.
"وليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة". فلا زكاة على السيد في عبيده وخيله، وهكذا أوضح الشرع الحكيم نصاب الزكاة وما به يعتبر الغني غنياً، وما يجب عليه من حق للفقير.
أما القدر المشروع، والحق المعلوم فهو العشر من الزروع والثمار التي تسقى بماء المطر دون كفاح أو تعب للزراع، ونصف العشر من الزروع والثمار التي تسقى بالآلات [الساقية أو الطنبور أو الدلو أو نحوها].
ومع وضوح الحق الشرعي للفقير في مال الغني أعان الشارع الحاكم على النفوس الأمارة بالسوء، طلب الله من رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأخذ من أموال الأغنياء حقوق الفقراء:{خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها}[التوبة: ١٠٣].
إن النفس البشرية شحيحة بما تملك، والشيطان يعدها الفقر، ويأمرها بالبخل والشح، وقليل منها الذي يجود من تلقاء نفسه.
ومن هنا كان صلى الله عليه وسلم يطلب حقوق الفقراء، ويبعث السعاة والعمال إلى القبائل في بلادهم ومضاربهم يجبون الزكاة، وكان يختار لهذه المهمة كبار المسلمين، لبعد الشبهة عنهم من جهة، ولقوة إيمانهم وقوة شخصيتهم من جهة أخرى، فيستحي منهم من يستحي، ويخشاهم من يخشى.
وكان من هؤلاء السعاة العاملين على الزكاة عمر بن الخطاب، خرج بأمر النبي صلى الله عليه وسلم إلى القوم، فمر