العلم، أنه ليس في الخضراوات صدقة. وقال البيهقي بعد أن روى هذا الحديث وأحاديث مراسيل: هذه الأحاديث كلها مراسيل إلا أنها طرق مختلفة، فيؤكد بعضها بعضاً، ومعها قول الصحابة رضي الله عنهم. اهـ.
وأقوى ما يرد به على أبي حنيفة أن الخضراوات كانت تزرع في المدينة في عهده صلى الله عليه وسلم ولم يثبت أنه أخذ منها زكاة، وبالتالي لم يثبت أنه أعطى فقيراً كمية من البصل أو الثوم كزكاة مثلاً، ولو حصل مرة لنقل إلينا، على أن الأصل عدم الوجوب، والوجوب لا يثبت إلا بالدليل، ولا دليل، والإمام مالك، وهو الذي يعتمد عمل أهل المدينة، قال بعدم وجوب الزكاة في الخضراوات مما يؤكد أن عمل أهل المدينة على خلاف مذهب أبي حنيفة. والله أعلم.
وقد اختلف الشافعية في وجوب الزكاة في الزيتون بناء على أن الشافعي قال في القديم: تجب فيه الزكاة، معتمداً قول ابن عباس:"في الزيتون الزكاة". وقال في الجديد: لا زكاة فيه، لأنه ليس بقوت فأشبه الخضراوات.
قال النووي: والقولان مشهوران، والأصح أنه لا زكاة فيه.
قال البيهقي: ولم يثبت في الزيتون إسناد تقوم به حجة، والأصل عدم الوجوب، ولا زكاة فيما لم يرد فيه حديث صحيح، أو كان في معنى ما ورد به حديث صحيح. اهـ
أما الإمام مالك: فلم يتردد في القول بوجوب الزكاة في الزيتون.
وألحق بالزروع والثمار العسل على اعتبار أن النحل يعيش غالباً في الأشجار ويقتات من الزروع والثمار، وقد اختلف في زكاته الشافعية على قولين: أصحهما: عدم الوجوب، لأنه لم يثبت بوجوبه خبر صحيح، ولأنه مائع خارج من حيوان، فأشبه اللبن، واللبن لا زكاة فيه بالإجماع، وعلى هذا القول الإمام مالك، أما أبو حنيفة فقال بوجوب الزكاة في العسل إذا لم يكن بأرض خراج، وأما الإمام أحمد فقال بوجوب الزكاة فيه سواء أكان في أرض خراجية أو غير خراجية، وأدلتهم مبسوطة في كتب الفروع.
وقد بينت الرواية السادسة مقدار ما يخرج من زكاة الزروع والثمار، وهو العشر فيما سقى بغير مئونة، ونصف العشر فيما سقى بمئونة ثقيلة كالنواضح والدواليب. قال النووي: وهذا لا خلاف فيه بين المسلمين. ونقل البيهقي الإجماع فيه.
كما وضحت الروايات الخمس الأولى أنه لا زكاة إلا إذا بلغ الزرع أو الثمر نصاباً وهو خمسة أوسق، وقد وضحنا الوسق والنصاب في المباحث العربية.
وقال النووي: وتضم ثمار العام الواحد بعضها إلى بعض في إكمال النصاب وإن اختلفت أوقاته، ولا خلاف أن ثمرة العام الثاني لا تضم إلى الأول في إكمال النصاب.