وحجة الجمهور ما رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة عن معاذ بن جبل قال:"بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، وأمرني أن أخذ من كل ثلاثين تبيعاً أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنة".
وهناك أقوال أخرى في نصاب البقر ومقدار زكاته رأينا عدم التعرض لها مخافة التطويل، فمن أرادها فليرجع إليها في كتب الفقه.
وواضح من قول الجمهور أن الشريعة الإسلامية قد شجعت تربية هذا النوع من الماشية بإعطاء فترة سماح خالية من الزكاة بصفة عامة. تسع من البقر بين كل فرضين، وفترة سماح أطول بين الأربعين والستين فوصل الوقص إلى تسع عشرة، والاحتفاظ بفترة السماح بين كل فرضين مهما بلغ العدد يجعل للشريعة الإسلامية ميزة منفردة عن نظم العالم المعاصر التي تفرض الضرائب تصاعدياً مما يتنافى وتشجيع الاستثمار.
وإذا كانت فترة السماح في البقر لم تبلغ فترة السماح في الإبل فقد عوض البقر بفترة سماح أكبر في أول النصاب، إذ عفي عن تسع وعشرين من البقر بينما لم يعف عن الإبل إلا عما دون الخمس. والله أعلم.
أما نصاب الغنم فأوله أربعون، وليس فيما دون ذلك صدقة واجبة. وفي الأربعين شاة واحدة وهذه النسبة هي عينها نسبة الزكاة في النقدين وعروض التجارة ربع العشر [٢.٥/] ولو لاحظنا في الإبل أن خمساً منها تقرب في تقديرها من أربعين شاة حيث قالوا في الهدي: إن الناقة تكفي عن سبعة. وفي قول لسعيد بن المسيب، وإسحق وابن خزيمة: أنها تكفي عن عشرة لحديث رواه ابن خزيمة في صحيحه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم فعدل عشراً من الغنم ببعير". لو لاحظنا ذلك وجدنا أول نصاب الغنم وأول نصاب الإبل ومقدار الزكاة فيهما متقارباً.
ويبقى الواجب شاة واحدة حتى تبلغ الغنم مائة وإحدى وعشرين فيجب شاتان، ويبقى الواجب شاتين حتى تبلغ الغنم مائتين وواحدة فيجب ثلاث شياه، ويبقى الواجب ثلاث شياه حتى تبلغ الغنم أربعمائة فيجب أربع شياه، فإذا بلغت خمسمائة فخمس شياه، وستمائة ست شياه، وهكذا في كل مائة شاة، ولا يتغير الفرض إلا عند رأس المائة.
(فائدة) الضرائب التي تفرضها الدول في العصر الحديث أنواع: منها الضريبة ذات النسبة الثابتة من أول الفرض إلى ما لا نهاية كأن يقال: إذا بلغ الدخل ألف جنيه فما زاد فالضريبة [٥/] مثلاً. ومنها الضريبة التصاعدية ذات الشرائح المستقلة كأن يقال مثلاً: ضريبة ما زاد على الألف الأولى حتى الألفين [٥/] وضريبة ما زاد على الألفين حتى الثلاثة [٧/] وضريبة ما زاد على الثلاثة حتى الأربعة [١٠/] وهكذا، وقد وصلت هذه الضريبة التصاعدية في بعض البلاد إلى [٦٠/].
ومنها الضريبة التصاعدية ذات الشرائح المتداخلة كأن يقال مثلاً: ضريبة ما زاد على الألف الأول حتى الألفين [٥/] فإذا ما زاد على الألفين حتى الثلاثة فالضريبة من أول وعائها تنتقل إلى [٧/]