للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهكذا، وفي مثل هذه الحالة قد يتمنى من ترقى وحصل على علاوة يتمنى لو أنها لم تكن، لأن مجموع دخله سينقص لا يزيد.

ولم نسمع في الاقتصاد الحديث أن دولة من دول العالم جعلت الضريبة تنازلية، تقل كلما زاد الدخل. لكن نظام زكاة الإسلام في أغلب ما يزكى ينحو ناحية التنازلية، وفي القليل يثبت النسبة لهدف جليل، فهو في الاستثمار والنتاج الحيواني الذي ينتفع به كافة البشر يشجع ويغري فينزل بنسبة الزكاة إذا زاد الإنتاج، ولما كان لا يشجع الاكتناز وكثرة النقد كيلا يكون دولة بين الأغنياء ثبت النسبة على [٢.٥/].

وقد مر بنا قريباً في زكاة الإبل أن المقدار الواقع بين نصابين والمعفى من الزكاة يرتفع كلما كثر الإنتاج والاستثمار، فرأينا الأوقاص التي كانت أربعة صارت عشرة، ثم صارت أربعة عشر، ثم صارت تسعة وعشرين، مما ينزل بنسبة الزكاة، وهكذا الأمر في نسبة زكاة البقر، لكن هذه الظاهرة في زكاة الغنم واضحة وكبيرة، فزكاة الغنم بدأت بـ[٢.٥/] في أربعين شاة: شاة واحدة، ثم انخفضت حتى وصلت أقل إلى من [١/] حين تبلغ الغنم مائة وعشرين ففيها شاة واحدة. وحين ارتفعت إلى شاتين في مائة وإحدى وعشرين أي إلى أقل من [٢/] أخذت تنخفض حتى وصلت إلى [١/] حين بلغت الشياه مائتين وفيها شاتان، وحين ارتفعت إلى ثلاث شياه في مائتين وواحدة بنسبة [١.٥/] أخذت تنخفض حتى وصلت إلى أقل بكثير من [١/] حين بلغت الشياه تسعاً وتسعين وثلاثمائة وفيها ثلاث شياه، ثم ثبتت في كل مائة شاة، وهي في هذا لم تقف عند ١/ بل هي تنخفض أيضاً بسبب الأوقاص، ففي تسع وتسعين وخمسمائة: خمس شياه.

وهكذا يتبين بجلاء ميزة الاقتصاد في تشريع الإسلام على غيره من التشريعات الوضعية، وأنه يشجع الإنتاج والاستثمار ويدفع العاملين إلى زيادة العمل للحصول على زيادة الثمر فتعمر الأرض ويزيد الخير ويعم الرخاء.

وأما زكاة النقد فقد نصت على نصابه في الفضة الرواية الأولى والثانية والرابعة، وفيها: "وليس فيما دون خمس أواق صدقة"، وفي الرواية الخامسة: "ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة". والورق الفضة.

والمقصود بالنقد هنا الذهب والفضة، سواء أكانا مضروبين دنانير ودراهم أو كانا مصنعين حلياً وأواني، أو كانا سبائك، على خلاف يأتي في حلي النساء.

والأوقية أربعون درهماً، فالخمس الأواقي مائتا درهم، فنصاب الفضة مائتا درهم، تبلغ مائة وأربعين مثقالاً، حيث إن الدرهم سبعة أعشار المثقال، وقد قدر النصاب بـ (٥٩٥) بخمسة وتسعين وخمسمائة من الجرامات.

فمن ملك من الفضة نقوداً أو سبائك ما يبلغ هذا الوزن وجبت عليه الزكاة.

وأما نصاب الذهب فلم يرد في أحاديث الباب ولا في الأحاديث الصحيحة، لكن مجموع ما ورد

<<  <  ج: ص:  >  >>